ماذا يعني فوز اكرم امام اوغلو برئاسة بلدية استنبول وهو مرشح حزب الشعب الجمهوري الحزب الرئيسي المعارض لحزب العدالة والتنمية حزب اردوغان ؟علما بان استنبول كانت ولوقت قريب معقل وثقل رئيسي لحزب العدالة والتنمية ، والسؤال الذي ينبثق من هذا السؤال ، ما هي رمزية ودلالة الفوز برئاسة بلدية استنبول وهل تشكل مؤشرا وتحولا في المعطيات السياسية المستجدة بالشارع التركي؟.
تشكل رئاسة بلدية استنبول ثقلا لايستهان به ويعتبر الفوز بها هو مقدمة طبيعية ومؤشرا لاتجاه ومزاج الشارع للانتخابات الرئاسية، وهذا ما حدث مع اردوغان سابقا عندما فاز برئاستها مما شجعه على خوض الانتخابات الرئاسية لاحقا وفوزه، وهذا ما دعا امام اوغلو لتصريح من الان لخوض الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٨.
نعم حزب العدالة والتنمية وتحديدا شخص اردوغان نقل تركيا من الهامش وأصبحت رقما صعبا على المستوى الاقليمي والمستوى العالمي وصاحبة مشروع في الاقليم ولا يمكن تجاوزها ضمن اية حسابات سواء كانت عسكرية سياسية وحتى سياحية، الا ان كل ذلك لم يمنع بروز معارضة لاردوغان وحزب العدالة ، بدأت هذه المعارضة على استحياء لكنها ومنذ مدة اصبحت تشتد بوتيرة متسارعة وتلاقي صدى وقبول لدى الشارع وساعد على ذلك عدة امور نذكر اهمها:
- استيلاء الرجل الفرد على الحزب وعلى المشهد الوطني برمته وبالتالي منع بروز اي منافس له وبكل الوسائل وإقصاء معاونيه وشركائه(داوود اوغلو مثلا والذي اصبح من اشرس معارضيه لاحقا)ثم تطويع الدستور لدعم هذا التوجه ولتمديد فترة حكمه .
- طول مدة الحكم تلقي بظلالها السلبية من ناحيتين:
١ -شعور الحاكم انه اصبح جزء من المنصب او كل المنصب وتصبح هناك حالة توحد وتشبث مابينه وبين المنصب ( هكذا يقول علم النفس ) يصعب فصلها مع مرور الايام حتى وان سالت الدماء، و التاريخ الحديث والقديم يروي لنا قصصا كثيرة في هذه المسألة تحديدا.
٢- ملل الشارع من استيلاء وتفرد الشخص الواحد على المشهد حتى وان عظمت انجازاته.
٠ تجاهل نبض الشارع فيما يخص قضية اشغلت الراي العام المحلي والاقليمي والعالمي قضية طوفان الاقصى والحرب على غزة وتعاطي اردوغان السلبي تجاهها ونسيانه الفجائي لجميع خطاباته و تصريحاته السابقة حول دعم القضية الفلسطينية وغزة تحديدا، ونلاحظ ان هذا التناقض قد استهلك من شعبيته الشيء الكثير، وتلقفه منافسوه واستغلوه وضربوه في مقتل.
كل هذا وغيره، تداعيات فرضت نفسها جملة وتفصيلا وشكلت باعتقادي تحولا حادا ترجم مبدئيا من خلال نتائج انتخابات بلدية استنبول وزد عليها انقرة