مسؤولية الناخب الأردني في انتخابات البرلمان لعام 2024
د. تمارا زريقات
05-05-2024 02:09 PM
كان الأردن وما زال في طليعة دول منطقة الشرق الأوسط التي أتخذت من الديمقراطية ركناً أساسياً في عملية إدارة شؤون الدولة، وتُرجم ذلك فعلاً من خلال الدستور والقوانين التي تحكم عمل مسيرة الديمقراطية، وعملياً من خلال مسيرة الحياة البرلمانية التي بدأت مع تأسيس الدولة الأردنية، فالديمقراطية كانت ولا زالت أحد أبرز ملامح الدولة الأردنية الحديثة، لذا جاء أمر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون، وقد صدرت الإرادة الملكية السامية بهذا الخصوص، وفيما يلي نصها: "نحن عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بمقتضى الفقرة الأولى من المادة (34) من الدستور: نأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون"، وبناء عليه أعلن رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة، إجراء الانتخابات النيابية المقبلة 2024، يوم الثلاثاء 10 أيلول عام 2024.
إن الانتخابات بحد ذاتها ليست هدفاً، وإنما هي وسيلة لترسيخ الديمقراطية، وإحدى آليات المشاركة السياسية الرامية لإدماج كل المواطنين ممن يتوافر فيهم شروط الانتخاب في صنع خياراتهم السياسية، إذ توفر ممارسة واقعية لاختيار مجلس معبر عن إرادة الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة وبعيدة عن أية ضغوط على المواطنين، وقانون الانتخاب أحد أهم قوانين الحريات العامة، بما يتضمنه من معايير واضحة للتمثيل النيابي تعتمد على مفاهيم الديمقراطية الحقيقة ؛ مما يجعل هذه العملية أساس النظام الديمقراطي الأردني، وعليه فإن ممارسة الناخب لحقه الدستوري هو الحلقة والمحور الرئيسي في نجاح الانتخابات البرلمانية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات فإنه علينا جميعاً التحلي بالوعي الوطني السياسي الحضاري والمفضي لإحداث تنمية حقيقة في مسيرة بلادنا، ولعلنا نتساءل ما دور الأحزاب في هذه المرحلة الهامة؟
تعتبر الأحزاب إحدى الظواهر البارزة في الحياة السياسية وتجسيداً لمبدأ المشاركة السياسية إضافة إلى التعبير عن إرادة المجتمع بكافة أطيافه ومصالحه، وبالعودة للتعريف الدقيق للحزب فهو عبارة عن عمل جماعي منظم غير مرتبط بأشخاص، بل ببرامج وأهداف مشتركة للمساهمة في تأطير المواطنين وتنظيم مساهمتهم في الحياة السياسية وخوض الانتخابات، ويمارس الحزب نشاطه بوسائل ديمقراطية سلمية لتحقيق المصلحة الوطنية.
وعليه فإن الاحزاب تقوم بوظائف تجميع المصالح والتعبير عنها ونقل تفضيلات واهتمامات وحاجات المواطنين لصناع القرار مشكلة بذلك قناة رسمية للاتصال السياسي المنظم والقادر على الربط الفعال بين الحكومة والشعب بهدف بلورة القضايا العامة، وباختيارها لممثلين عنهم تحت قبة البرلمان فإنها ستسعى جاهدة لتطبيق برامجها من خلال ما تسنه من تشريعات وقوانين، والقيام بعمليات تصحيح المسار الرسمي للحكومات بموجب ما خول الدستور للسلطة التشريعية من صلاحيات تشمل المساءلة والمحاسبة لسد الخلل.
ومن المعروف أن البرنامج الحزبي يحدد مسؤولية السياسة العامة من خلال برنامجه وبالتالي فإن المسؤولية في إنجاح اي هدف من أهداف الحزب هي مسؤولية جماعية تقع على جميع الفاعلين.
ولعل اهم ما يميز الأحزاب الحالية أنها أحزاب وطنية برامجها وأهدافها تعبر عن واقع واهتمامات الشارع الأردني وتعكس التشاركية في تحقيق المصلحة الوطنية؛ أي أنها من الوطن وللوطن..
مالمطلوب اذن؟
المطلوب منا كأفراد المشاركة السياسية الحقيقة في صناعة القرار التنموي والإيمان بأننا أمام فرصة حقيقية وجادة في مسيرة التحديث وعلى الجميع عدم التردد بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات واختيار من يمثلهم ويعبر عن إرادتهم؛ فالانتخابات البرلمانية القادمة واستحقاقاً لمعطيات التغيير والتحديث السياسي في قوانين الأنتخاب والأحزاب يفترض أن تكون ذا طابع مختلف سواء من حيث السلوك التصويتي للناخب أو من حيث دور الأحزاب ومشاركتها في الانتخابات، بالإضافة إلى كونها تأتي في ظرف إقليمي يزداد تعقيد قضاياه بشكل مستمر مما يتطلب إفراز برلمان أردني يتوافق مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، قادر على تعزيز قدرة الدولة على مواجهة التحديات في البيئة الإقليمية.
فالمواطن الأردني هو الذي يتحمل مسؤولية اختيار النائب في البرلمان، فالسلوك التصويتي الإيجابي من خلال المشاركة في الانتخابات سيساهم في اختيار مرشحين قادرين على ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي وهو ما ينعكس على عمل الحكومات والمؤسسات الحكومية وبالتالي على المجتمع الأردني.