رئيس شفّاف .. رئيس غاضب .. فرصة للأمام
موسى الصبيحي
10-04-2011 03:47 PM
لم أكن لأصدق أن رئيساً لحكومة أردنية أو إن شئت عربية يتحدث للإعلام بمثل الصراحة والشفافية التي تحدث بها الرئيس البخيت لوسائل الإعلام مؤخراً، فقد اتسم حديثه بالصراحة المتناهية، والوضوح، على الرغم من أن بعض ما أدلى به قد يُدين حكومته، أو على أقل تقدير يذهب ببعض ما تحظى به من رصيد في الشارع إذا تم أخذه بمعزل عن تقدير شعبي ونخبوي عالٍ للشفافية والصراحة...
ويبدو أن غضب الرئيس على الديمقراطية الأردنية ومن أجلها، التي يعتقد دولته أن حكومته لا تدرك مضامينها، وكذلك الشعب، دفعه إلى التعريج على مختلف القضايا الجدلية التي يتداولها الناس، وأصبحت بالفعل حديث المجالس بعامها وخاصّها.. لكن مثل هذه الغضب مرغوب ومطلوب، فحين يملك مسؤول كبير بحجم رئيس الوزراء الشجاعة الكافية للحديث في قضايا جدلية، ويعترف بقصور العقول عن إدراك مرامي المفاهيم وحقائقها العملية، فإن الأمر يبشّر بالخير، فالشعب يسعى إلى التغيير والإصلاح، ولا يمكن أن يتسنى ذلك ما لم نعترف بداية بمعوقات الإصلاح، ولعل من أهمها غياب الشفافية وغياب الغضب، وقبلهما غياب الإدراك وغياب الاستيعاب..!!
ولأننا من دعاة الإصلاح والتغيير، وغاضبون من أجل تغيير ديمقراطي حقيقي يتلمسه الناس على أرض الواقع، فإننا نرحب بالرئيس منضماً إلى عصبتنا، معربين عن ثقتنا بأن صوتنا الإصلاحي سيعلو أكثر بانضمامه إلينا، خصوصاً وأن تطلعاته الإصلاحية تمتاز بنظرة شمولية، تبدأ من لحظة إرساء فهم صحيح لمضامين الإصلاح يتفق عليها الناس والحكومة، من أجل بلوغ لحظة تاريخية حقيقية يذكرها الناس كفاصل في حياتهم السياسية، ومنطلق لنهضة تؤسّس لمرحلة جديدة من المشاركة بعيداً عن أي مزايدات فارغة من أي جهة كانت..!!
الفرصة القادمة قد تكون ذهبية، في حال استفدنا من تجارب العقود الماضية، وبقدر ما تحمل من الغضب والشفافية، بقدر ما سيتحقق من إنجاز، لأن أياً من المسؤولين لن يكون بمنأى عن المساءلة، وليست أية مساءلة..!! فما قد يصيب الشعب من غضب، سينتقل إلى الحكومة، وسيطال المسؤول المقصّر أو الفاسد، وإذا كان بالإمكان لبعض الفاسدين من ذوي النفوذ الهروب والتملص في مراحل معينة سابقة وبتسهيلات رسمية بامتياز، فإن ذلك سيكون متعذّراً اليوم، فالعيون مفتوحة، والحناجر قوية، وهتافات الإسقاط جاهزة.. وقد يأتي وقت قريب يعتذر فيه الكثيرون عن عدم تسلّم حقائب المسؤولية لشدة المساءلة..!!
فرصة للأمام تبدو واضحة، لكنها ليست سهلة، وبالمقابل ليس أمامنا خيارات أخرى، وعلى الرئيس أن يستمر بنهج الشفافية والغضب، وسوف يجد نفسه مدعوماً من الشعب ومن النخب، حتى لو غضبت منه حكومته..!!