بالقانون .. القوائم المحلية صراع وجود بلا حدود
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
02-05-2024 10:52 PM
من الغرابة بمكان أن تجتمع مجموعة من الحالمين بالوصول إلى العبدلي " مجلس النواب " من غير المؤطرين حزبياً ، أو من الحزبيين الذين لا يرغبون خوضها ضمن قائمة الحزب لأسباب تنظيمية أو خلاف ذلك ، من أجل تشكيل قائمة محلية بغرض الترشح للإنتخابات النيابة ، استناداً لقانون الإنتخاب رقم 4 لسنة 2022 م ، دون أن تجمعهم أُطر معينة من الأهداف والرؤى ضمن برنامج انتخابي " واقعي" يشمل جميع مناحي الحياة التي تهم الوطن والمواطن ، وبما يضمن الحد الأدنى " على الأقل " من الغايات التي يسعى أي منهم لتحقيقها ضمن منظور الصالح العام ، على فرض أن الصالح العام يَغْلِبْ على المصالح الشخصية ، " من باب حُسن الظن " .
ومن الغرابة بمكان أيضاً أن " تتوافق " الحكومة مع مجلس النواب " بحسب الأعراف الدستورية في إقرار القوانين " على " إجبارية " الترشح ضمن قوائم محلية نسبية مفتوحة لمن يرغب خوض الإنتخابات خارج إطار القوائم الحزبية بتحالف " مصلحي " ينتهي قبل أن تبدأ الحملة الإنتخابية ، مما يضفي ظلال من الشك حول صدقية التوجه باشتراط الترشح بهذه الآلية .
القوائم الإنتخابية المحلية جاءت بديلة لقانون الصوت الواحد " شكلاً " ، وهي إمتداد له من حيث " المضمون " ، إذ ساهم كلا القانونين في التأسيس لمفهوم نائب خدمات على حساب الرقابة والتشريع ، وأيضاً إستمراراً لواقع نهج الحكومات في تكريس سُنة التغيير الدائم إما في القانون أو في الأنظمة لسد " الفُرج " التي تقتضيها الضرورة وطبيعة المرحلة ، وكذلك لإمتصاص الغضب الشعبي " المبرر " على مخرجات عمل نيابي أستمر أكثر من عقدين من الزمن ، جاءَ بعد برلمان عام 89 الذي كان علامة فارقة في جبين العمل النيابي الأردني.
ثمة قراءة تحليلية لواقع التوجهات المحلية بكيفية سير الحياة البرلمانية في الأردن تشير بإتجاه أن عقل صانع القوانين الناظمة للعمل النيابي أراد إبقاء الوضع على ما هو عليه ، مع تحقيق أمرين أساسيين في كل ما سبق من عمليات إنتخابية ، الأول : - لغاية النجاح الفردي فاقد التأثير عملياً على المستوى الجمعي داخل المجلس ، والثاني : - تشتيت الصوت الإنتخابي للكتل العشائرية والمناطقية وإضعافه ضمن خيارات يفرضها الواقع الإجتماعي ، وهذا الإستنتاج يسنده عدم قدرة المخرجات السابقة التأسيس لحالة من العمل النيابي المنظم ضمن كتل برلمانية برامجية ضاغطة ومؤثرة في المجلس الحالي والذي سبقه.
حراك إنتخابي محموم يدور في الصالونات السياسية والإجتماعية لتشكيل قوائم محلية بين أشخاص " على الأغلب " لا يجمعهم أدنى توافق فكري أو رؤى مستقبلية لرفعة الوطن وكيفية خدمة أبنائه ، وكل ما يدور في خُلد البعض منهم في هذه المرحلة تحديداً هو كيفية الإستفادة " الحصرية " من تشكيل القائمة في حال حصولها على مقعد أو أكثر ، وحصول أي منهم على أعلى الأصوات داخلها ليكون هو صاحب الحظ السعيد بنيل لقب سعادة النائب.
استهلال غير موفق لسعادة النائب " المنتظر " المحترم ، إذ يبدأ مشواره النيابي بتعلم ابجديات التذاكي المتبادل على زملاء مفترضين بغرض تأسيس قائمة إنتخابية حسب متطلبات القانون على مقاس " .... " ، مبنية على توافق شكلي ، مرحلي ، مصطنع يفسح المجال للجميع بالتنافس الحر " ظاهرياً " داخل القائمة ، وفي الخفاء وبعد تسجيل القائمة تبدأ معركة من نوع آخر شعارها " اللَّهُمَّ نفسي " .
بعد تشكيل القائمة وتسجيلها رسمياً ، تُنَزع الأقنعة وتَستعر حرب من نوع خاص داخل القائمة وخارجها " ، يحق فيها للجميع إستعمال جميع الأسلحة " المحللة " محلياً ، وقد يستعين البعض منهم بالمال " الأسود " المُحَرَّم قانوناً للفوز بمقعد القائمة في حال إجتيازها عتبة النجاح .
قانون الصوت الواحد أسس لِما يعرف اِصطلاحاً بالمال السياسي " شراء الأصوات " في نفس الدائرة أو نقل ناخبين من دائرة إلى أخرى " عمليات نقل محمولة " ، في كلتا الحالتين كان للمال تأثير كبير في نجاح بعض النواب ، وفي حال القوائم المحلية أصبح هم بعض المرشحين تشكيل قائمة ضمن منظوره الشخصي القاضي بالمحافظة على توازن ضعف البقية داخلها حتى يبقى هو المتسيد في حال فوزها بمقعد أو أكثر ، لذلك قد نجد بعض من يتملكهم طموح النيابة ويمتلكون القدرة المالية يبذلون جهوداً كبيرة في البحث عن " حشوات " ترضى بلقب " مرشح راسب " مقابل عدم تحملهم تكاليف الحملة الإنتخابية على الأقل .
الملفت للإنتباه أن أي مجموعة ترغب بتشكيل قائمة إنتخابية حسب مقتضيات القانون ، تجتمع عشرات المرات وتتحاور لساعات طول تصل حد " الضجر " ، وتستهلك جميع مفردات القيم والأخلاق والطيبة والتسامح ، وقد يكون في داخل البعض منهم " وسواس ... " يحيك مصيدة للآخر مع ابتسامات بريئة تصل حد الإطمئنان وما تخفي الصدور أعظم ، ومع كل ذلك و على الأغلب والله أعلم يغيب الوطن والمواطن عن بال البعض منهم على الأقل في هذه المرحلة ، حتى لا أقع في محظور التعميم ومن باب الإنصاف .
نتفهم وجود قائمة لمن يرغب من الأحزاب بالمشاركة في العملية الإنتخابية لأنها الطريقة المثلى المتبعة في أغلب دول العالم التي سلكت طريق المشاركة السياسية في إدارة شؤون الدولة ، وبالتأكيد هناك بعض الممارسات الخارجة عن المألوف بتشكيل القوائم في بعض الأحزاب يكون فيها للمال " السياسي " اليد الطولى في ترتيب الأسماء داخل القائمة ، " بحسب ما تتناقله وسائل الإعلام " ، ولكن بما أن القوائم المحلية صاحبة نصيب الأسد من مقاعد مجلس النواب القادم ، وبما أننا وصلنا إلى قرار اللأعودة بتحديد موعد إنتخابات مجلس النواب العشرين ، تبقى القائمة المحلية النسبية المفتوحة وسيلة نقل وفق القانون لأي مرشح من خارج القوائم الحزبية ، مُرّغم على ركوبها كل من يرغب بالوصول إلى العبدلي ، مع دعواتنا له بالسلامة .