يظهر الرعب جليا في وزاراتنا المبجلة ، بمجرد طلب الصحفي معلومة مهما بسطت أو عظمت ، ليبدأ مسؤوليها رحلة التقاذف للمعلومة ، فيبدي كل واحد منهم رعبته برمي وزر المعلومة عن أكتافه إلى أكتاف غيره ، وطبعا تقفز من رأس الهرم ، مرورا بالامين العام ومساعديه ، معرجة على مدراء المديريات ورؤساء الاقسام ، لتستقر بيد الموظفين البسطاء الذين "يمان " عليهم كونهم لا يمتلكون شيئا من المصالح النفعية في الوزارة يخافون عليها ، لتبدأ الرحلة العكسية لتحديد "الأنتحاري " الذي سيتم إسناد المعلومة على لسانه.
خلال رحلة الحصول على المعلومة ،والتي قد تستمر أياما، لا بل قد تصل الى أسابيع طويلة، يتعرض الصحفي إلى منهجية ؛أصبحت مكشوفة ، ومن المعيب على الوزارات اتباعها ، من خلال الاستقبال اللطيف ، وبعد المماطلة يتم تحويلك إلى من هم أقل درجة ، وهكذا من الأقل إلى الأقل ، فيكون الاستقبال بوجه بشوش ، ووداع حلو الكلام ، ووعد معسول بتسليمك المعلومة خلال يومين ..!!
لتبدأ المعاناة .. هواتف خلوية لا يجيب أصحابها عليها ، وهواتف أرضية لا تحول للمسؤول - كان الله في عونه فدائما مشغول في اجتماعات مع من هو أعلى منه - وإن تم تحويلك يستقبل هاتفك بكل صدر رحب ، ويعتذر عن التأخير غير المقصود ، ويبدأ بتوجيه اللوم للمقصرين في عملهم ممن أسند لهم مهمة الإجابة ، ليوعدك قاطعا على نفسه ،عهدا بأن تكون الاجابة عندك خلال أقل من ساعة !!.. ، وتعود الكرة من جديد ، وينتهي اليوم ، وتعاود الكرة إلى اليوم التالي .
بعد أيام يأتي الفرج ، ويتم تحويلك إلى شخص معني بالاجابة على استفسارك الصحفي ، لتبدأ مشكلتك مع هذا الشخص الذي ليس بتلك الأهمية في هذه الوزارة ، لتحديد موعد معه ، وبعد الوصول له ، يظهر لك مرعوبا يبدأ كلامه بأن ما سيدلي به من معلومات لا يريدها على لسانه ، وأنه لا يتحمل المسؤولية ، فتبدأ الرحلة العكسية الجديدة ، مرورا بالمكاتب التي مررت بها سابقا ، لتحديد من "الإنتحاري" الذي سيتحمل مسؤولية مخاض المعلومة ؟؟..
والرحلة لا تنتهي ، يبدأ من وقعت عليه القرعة بتحمل مسؤولية المعلومة ، بطلب منحه وقتا لمراجعة المعلومة وطباعتها وارسالها ، وتتكرر المعاناة مرة أخرى .. الفاكس عطلان ! الإنترنت مقطوع! .. كلام معسول .. تقاذف لتحمل المسؤولية ..
واستنادا الى قانون حجب المعلومات عفوا( حق الحصول عليها ) فمن المفترض الحصول على المعلومات خلال ساعات ، وليس أن يكون المخاض عسيرا ، فتولد بعد أشهر ولادة قيصرية مبتورة الحقائق ... .
كل هذا يقودنا الى تساؤل : لماذا كل هذا الرعب ، ومن المسؤول عن اعطاء المعلومة ؟ .. والجواب بسيط ، إما : أنهم لا يدركون كيف يعملون !، أو أنهم غير متمكنين من عملهم !، وإما أن يكون هناك أخطاء يتسترون عليها لتحقيق مصالحهم ! ..
ويبقى رأس الهرم بالوزارات هو المسؤول عن الإجابة : والسؤال يتكرر بالحاح ، لماذا يتم اختيار المرعوبين في بعض المناصب ؟!.. فإذا ما استبعدنا إحتمالية أن هناك أمرا ما أرعبهم بعد دخولهم اللعبة!!..
فمن يسير على خطى مشبوهة يكن خطاه مهزوزا ، لأن واثق الخطوة يمشي ملكا .
Jaradat63@yahoo.com