معدل الرواتب في المملكة حوالي ٤٥٠ دينارا، بينما تبلغ أجرة أقل شقة سكنية في المملكة ١٥٠ دينارا، أي ثلث الراتب، مما يجعل الأسر الأفقر والأقل دخلا تدفع ما يزيد عن ثلثي الراتب أو الدخل إيجار سكن.
شراء شقة عبر البنك يعني أن ترهن ثلثي الراتب لمدة ٢٤ عاما لأحد البنوك، وأن تسد آخر قسط عندما تصبح بحاجة للصيانة بنصف ثمنها بلا مرابح، ناهيكم عن وقع ذلك طيلة أربع وعشرين عاما على الأسرة عندما تفقد ثلثي دخلها.
الحكومات سلمت قطاع الإعمار والإسكان للقطاع الخاص والمستثمرين، وظهرت شقق تجارية وعمارات لا تقابل مواصفات السكن والثباتية الهندسية؛ عندما تغلغل الغش في نوعية الباطون وكميات الحديد ومواصفات مواد التشطيب، وتحكم أباطرة الشقق السكنية بالشعب لتصبح ثمن الشقة المتواضعة بمجموع رواتب موظف هو وزوجته طيلة العمر أو أقل بعام (حتى لا أبالغ).
الكثير من المواطنين والأسر الآن بلا سكن ويلجأون للأهل وعليهم قضايا عن تعثر الإيجار وغيره.
وزارة الأشغال كان سابقا إسمها وزارة الأشغال والإسكان، ولكن الشق الثاني ذهب أدراج الرياح وبقي المواطنون رهنا للبنوك وتبعثر الرواتب..
الأمر أعلاه وعند إستهلاك الراتب لأجور السكن أو أقساط البنوك الباهضة، فبالتأكيد سينعكس سلبا على نوعية الأجيال؛ فبدلا من أن تصرف هذه المبالغ بتحسين مخرجات التعليم والاهتمام بصحة الأطفال والرفاه الأسري وتجويد النوعية وضمان مستقبل العائلة، يضطر رب الأسرة لإنفاق ثلث إلى ثلثي الراتب المتدني أصلا على السكن، على حساب ما ذكر سالفا.
بالثمانينات أبدت الدولة الأردنية إهتماما بالإسكانات، وشيدت في معظم محافظات المملكة إسكانات ذات نوعية جيدة، أذكر منها إسكان أبو نصير وإسكان معان، وبالعقبة إسكانات الشعبية والشرقية والغربية والعالمية والجيش والميناء... وبعضها تم بيعه بأسعار بمتناول الأهالي، وبعضها كان إسكان وظيفي للوزارات والمؤسسات المختلفة.
نقترح أن يقوم صندوق إستثمار الضمان الإجتماعي وبالتعاون مع وزارة المالية والنقابات ومع أراضي الخزينة، بتبني خطة عشرية لتشييد شقق إسكانية في ألوية ومحافظات المملكة، ووفقا لدراسات متخصصة حسب الحاجة والنمو السكاني... إلخ، مع ضمان أن يتم بناءها وفقا للمعايير دون سقطات الغش والفساد والمحسوبيات، لضمان الجودة والإستدامة.
الأمر أعلاه سينعش الوضع الاقتصادي في المملكة وسوق البناء والطلب على كل ما يلزم الإعمار من هندسة وفنيين وعمال ونقل ومواد بناء ومواد خام... إلخ.
كما وسنضمن حماية الأسرة والأطفال عند تأمين سكن صحي آمن، وأحياء سكنية بمواصفات تضمن رفاهية السكان والأطفال وقرب الخدمات.
للأسف سيذهب المقال أدراج الرياح وأراهنكم بأن لا أحد سيهتم، وسيستمر مسلسل سنوات الضياع لأسر وأجيال وأطفال في مهب الريح، بين سندان أجور سكنية باهضة ورواتب ضعيفة... أو مطرقة أقساط بنوك لقروض سكنية تستهلك الراتب العمر...