في الاحتفال بعيد العمال العالمي
فيصل تايه
01-05-2024 09:44 AM
يصادف اليوم الأول من مايو/أيار عيد العمال العالمي ، الذي ياتي كل عام اعترافًا بأهمية دور العمال في البناء والتنمية ، فلا ازدهار لبلد دون عرق وجهد أبنائه في دفع عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية الشاملة في مختلف القطاعات ، وبهذه المناسبة لا يسعني إلا أن اسجي تحية حب وتقدير لكل عمالنا على أرض الوطن ، الذين حققوا مكانة مرموقة بسواعدهم ، فالعامل الأردني هو ثروة الوطن الحقيقية ومحور التنمية ، وقاعدة الانطلاق نحو مستقبل أفضل ، فبالرغم من الظروف الاقتصادية العالمية وما خلفته الصراعات الإقليمية والدولية من تبعات وما عقبته من تحديات ، إلا أن الكثير من عمالنا لم يتوقفوا عن العمل والمشقة ، ساعين يوميًا وراء قوت يومهم وقوت أولادهم بحثًا عن لقمة عيش ، فالدور الكبير الذي يقومون به وبذلهم للكثير من التضحيات ومواصلة عملية الإنتاج يستحق كل التقدير .
اننا ونحن نحتفل هذا اليوم بعيد العمال العالمي ، لا بد أن نذكر أن الكثير من عمالنا يحتاجون لتدعيم منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين في مختلف القطاعات العمالية ، فالكثير من القوى العاملة ما زالت غير محمية بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية ، الأمر الذي أدى إلى حرمانها من الاستفادة من برامج الحماية التي سبق ومولتها الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للمشتركين في الضمان الاجتماعي ، ما كان له الأثر الكبير من تداعيات اجتماعية بسبب ارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة الفقر ، ما يستدعي النظر في تعديل التشريعات الخاصة بالعمل حتى تتلائم مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية مع ضرورة مواصلة العمل وتحقيق "التوازن بين الإنتاج والوقاية" لمواصلة الحياة الآمنة .
اننا ونحن نتحدث عن ابناء الوطن من هذه الفئة العزيزة من الواجب التذكير باستمرار بأن أرقام البطالة في أوساط عمالنا بلغت معدلات قياسية ، ما يدل ان ناقوس الخطر ما زال يدق بحرارة تجاههم ، وان الكثير من العائلات تعاني من انعدام دخل منتظم يسد إحتياجاتهم ، الأمر الذي يتطلب من الحكومة ، تقديم حلول وتدابير ومعالجات إقتصادية وتشريعية عميقة وعاجلة وعادلة وشفافة تجاه العمال العاطلين عن العمل ، ذلك بتوفير كل متطلبات الدعم والإسناد والإعانة المالية والمعنوية ، والتوسع في تطبيق برامج الضمان الاجتماعي ، بالرغم من ان الحكومة "لم تألو جهدا" ، حيث كانت قد اتخذت حزمة من الإجراءات لدعم القطاع الخاص بشكل عام سواء المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو المشروعات الكبرى ورجال الأعمال ، اذ سبق قدمت مجموعة من الحوافز والمساعدات ، مثل تخفيض أسعار الفائدة وتأجيل القروض ابان جائحة كورونا ، وغيرها من الإجراءات الاقتصادية الداعمة لمختلف القطاعات .
اعود إلى القول ، ان مجموعة المعضلات التي يعاني منها العامل الأردني تستدعي من الحكومة الموقرة تقديم معالجات إقتصادية و تشريعية عميقة ، مبنية على اسس علمية تعتمد على التخطيط بعيد المدى للسياسات الاقتصادية والاجتماعية ، والتي تتمثل في وضع إستراتيجيات للتشغيل ، والعمل على ربط المدخلات بالمخرجات لتلبية احتياجات سوق العمل من خلال دعم برامج التدريب والتأهيل الفني والمهني والتقني ، والتوسع في تطبيق برامج الضمان الاجتماعي كما سبق واسلفت ، اضافة الى ضرورة استثمار الموارد والإمكانيات المتاحه لتوفير فرص العمل المناسبة واللازمة ، واجبار ارباب العمل للالتزام بقوانين التشغيل ، اضافة لشمول الدعم المادي المقدم من الحكومة للأسر الفقيرة إلى الحد الذي يؤمن لكل فرد حياة سعيدة وآمنه والتوسع في الفئات المستهدفة لتشمل فئات العاطلين عن العمل العجزة والشيخوخة والمرضى تماشينا مع حق كل إنسان في العيش بكرامة .
بقي التاكيد باقول .. ان العامل الاردني يستحق منا أكثر من الاحتفال بعيده ، لذلك ينبغي أن نعترف جميعاً بأن العامل الاردني يحتاج الى معالجة فورية للمشاكل الجوهرية التي تمس معيشته ، فقد اخفقنا سابقاً في فهم التحولات الخطيرة التي سبق وأحدثتها المشكلة الديمغرافية في حياتهم جراء وجود اللاجئين من دول الجوار المنكوبة ، ومنافستهم ومزاحمتهم للعمال الأردنيين في رزقهم ، اضافة الى جشع ارباب العمل في التعدي على حقوقهم والتنكر لمستحقاتهم والمضي في استخدام العمالة الوافدة بشكل غير شرعي او قانوني .
واخيراً فأن الاحتفال الحقيقي للعمال بهذه المناسبة هو التأكيد على توفير فرص العمل الحقيقية ، مع افضلية تشغيل العمالة الأردنية ، والاستمرار بالدعم المادي المقدم من الحكومة لأسر العمال إلى الحد الذي يؤمن لكل فرد منهم حياة سعيدة وآمنه ، ترفع عنهم "سحنة البؤسة" التي تسيطر على تفاصيل حياتهم اليومية ، اضافة لمساعدة العاملين منهم في تحسين أوضاعهم المهنية وجودة إنتاجهم والارتقاء بهم وتأهيلهم ، والرفع من مستواهم المهني ، ذلك بالتأكيد على ايجاد تشريعات وطنية ملزمة ، وكما سبق واسلفت من خلال الهيئات المهنية والنقابية المستقلة التي تمثلهم بعيدا عن مراكز التأثير و القرار .
وكل عام وعمال الوطن بالف خير