لطالما نسجت الدولة الاردنية وشكلت روابط علاقاتها الدبلوماسية استنادا إلى الأصول والأعراف الدولية الدبلوماسية المتبعة والمتعارف عليها و تحكمها القوانين والمعاهدات السياسية المنسجمة مع السياسة والمصلحة الوطنية الأردنية وتحقق أهدافها ،بما يعبر عن عقيدة وثوابت الوطن الاردني العروبي في تعامله مع الملفات الخارجية والتي تنعكس جليا وواضحا في معالم و ملامح المسار الدبلوماسي الاردني واشعاعاته المشعة كأنسجة الشمس ، تغطي مساحاتها واعماقها وتمدها بالدفيء والطمأنينة ، كرسالة يعبر الاردن فيها عن دوره كدولة معتدلة، داعمه للاستقرار والسلام في المنطقة ، الأمر الذي بنى عليه الاردن أساس قويا في علاقاته الدولية وسخرها خدمة لعلاقاته وتعامله مع توأمه الفلسطيني والعربي وبما يحقق مصلحته الوطنية ويخدم قضايا امته العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
ولعل الموقع الجيوسياسي للأردن فرض عليه دورا هاما في تحمل مهام ومسؤوليات وطنية وعربية سياسية اقتضت هذا التشعب والتوسع في العلاقات الدبلوماسية الدولية والاقليمية التي يحكمها توازنات ومتطلبات للحالة والظرف الموضوعي والواقع السياسبف الذي يضمن للأردن قيادة وشعبا دورا في الاشتباك مع قضايا المنطقة وإيجاد الحلول بما يراعي المصالح العليا لها.
القضية الفلسطينية التي شكلت ومنذ البداية قلب و صلب عقيدة السياسية الاردنية الهاشمية لابعادها العربية والوطنية والجغرافية والديمغرافية والأمنية أيضا بالنسبة له ،اوجدت حاجة في اعداد استراتيجية اردنية محكمه حكيمة تمكنه من ادارة الصراع مع الكيان الصهيوني وتكشف دوره الوظيفي والأهداف من وجوده خدمة لصالح ومصالح القوى الاستعمارية الامبريالية، حيث استطاع الأردن استيعاب محور هذا الصراع من بدايته وكرس كل طاقته جغرافيا وعسكريا ودبلوماسيا في مقاومة هذا المشروع الذي لم تسلم المنطقة العربية من تداعياته تفرقة وحروبا وحالة من عدم الاستقرار، والمطالع للمراحل التاريخية للصراع يعرف ان الأردن تبنى كل حركات المقاومة لهذا الكيان،تحت مظلة مشروع التحرر الوطني الفلسطيني في جميع مراحله، بل انغمس فيه مشاركة و تضحية بالدم والارض والانسان .
الدعوات اليوم إلى مقاربة الدولة الاردنية من ومع حركة حماس دبلوماسيا وإعادة النظر في حالة العلاقة السياسية معها زامنا مع الأخبار والإشارات إلى إمكانية رجوع أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس إلى الأردن ، (اغلبهم أردنيون يحملون الجنسية الأردنية بالمناسبة )،نقول وهل الأردن يوما قيادة وشعبا أغلق بابه في وجه اي حركة من حركات المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد هذا الكيان، والاردن الذي عرف عنه انه حاضنة لكل ماهو عروبي فلسطيني وعاصمته عمان عاصمة الوفاق والاتفاق التي لم تغفل عينها عن القدس والوصاية عليه والمقدسات الإسلامية والمسيحية ورعايتها بما تجود النفس من روح ومال وثوابت لا تتزحزح كالجبال، وبشهادة التاريخ ومن عايشه وعاشه وكان شاهدا على ذلك الدم الذي سال وأنساب مسكا أرجوانا فوق الثرى الفلسطيني المقدس والأردني الطاهر والذي مازال يقدم ليومنا هذا بما يجوده به أبناء الاردنيين في القوات الأردنية المسلحة ، الجيش العربي المتواجدين في المستشفيات الميدانية في غزة والضفة الغربية.
لكن طبيعة هذا التقارب تحكمه نهج ومسار حماس السياسي في المرحلة القادمة وطبيعة ما ستمثله كحركة سياسي او فصيل عسكري ام كجزء من حكومة وحدة وطنية فلسطينية، والأردن بما يجسده ويمثله كدولة ذات كيان سياسي سيادي مستقل ، لن يتعامل مع المؤسسات والهيئات والحركات والفصائل الفلسطينية ، الا وفق البرتوكلات المتعامل بها و المتبعة في حالة التعامل مع الوحدات السياسية المنفصلة التي تمثل نفسها وفكرها وأيدولوجيتها التي تتبنها ويكون هذا التعامل وفق تفاهمات واتفاقيات يوضح حدود تلك العلاقة وادوات وقنوات التعامل وخصوصية المواقف والاراء السياسية التي تتبنها تلك الفصائل والحركات بشكل مستقل بعيدا عن أي ضغوطات للدولة الأردنية التي تحرص أن تكون على مسافة واحدة من الجميع وتحكم هذه العلاقة بتفاهمات تبنى على التقدير المتبادل واحترام قوانين وخصوصية وطبيعة سياسة الدولة في إدارة ملفات علاقاتها الخارجية وعليه وعدم السماح بأي نشاط سياسي قد يضر بهذه العلاقات ويخلف إضرار يصعب تلافيها لاحقا ، وفي ذلك رسالة أن لا هناك امتيازات أو مكتسبات أو انحياز في سلوك التعامل واطار العلاقة مع أي فصيل أو حركة إلا وفق القانون وتحت مسطرة الشروط التي تفرضها متطلبات استحقاق المواطنة أن وجدت ، وما يؤمن به الاردن من واجب عليه اتجاه القضية الفلسطينية وارتباطه بها وخصوصية علاقته معها .
فإن نظرة الاردن في علاقته اتجاه توأمه الفلسطيني كدولة لن يكون إلامن خلال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ، التي اكتسبت مشروعيتها من خلال اعلانات وقرارات وطنية وعربية ودولية أممية ، أعطتها الحق في الدفاع والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم وأقره القانون الدولي، مؤكدا على شرعية وقانونية مقاومته، وهنا يقتضي الأمر الدعوة إلى جميع فصائل المقاومة الفلسطينية الانخراط في المشروع الوطني لتحرير فلسطين والاندراج والتوحد في صفوف المنظمة وإعادة ترتيب بيتها الداخلي والاستفادة من الحالة العالمية والدولية المؤيدة لحل القضية الفلسطينية بشكل دائم وعادل ينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف يكون لها سيادتها وعلاقاتها الدبلوماسية بما يضمن لشعبها الفلسطيني الحياة بكرامة وحرية ورفاه على ترابه الوطني.
في الحالة العامة تبنى العلاقات الدبلوماسية على المصالح ولكن في الحالة الاردنية الفلسطينية فأنها علاقات تبنى على وحدة الهم والدم والمصير والتحرير والاحترام المتبادل لمبدأ السيادة وما تقتضيه من علاقات صلبة قوية في وجه اي مخطط يراد به النيل من امتنا العربية ووطننا الاردني العظيم والفلسطيني الصامد.