حماس وأزمة المقر بعد المغادرة المحتملة للدوحة
عمر الرداد
30-04-2024 09:26 AM
لم يعرف حتى الآن ما هو رأي قيادة المكتب السياسي لحماس في الدوحة بتصريحات موسى ابو مرزوق المتضمنة عودتهم للاردن، في حال قررت قطر الطلب من قيادة حماس مغادرة الدوحة، وهو احتمال وارد في ظل ضغوط اسرائيلية واخرى من أوساط امريكية توجه اتهامات لقطر باحتضان حماس، ولا يبدو ان تفنيد قطر لتلك المزاعم بان استضافتها لقيادة حماس بالدوحة كان بتنسيق مع الادارة الامريكية، وان ادخال اموال المساعدات لغزة كانت أيضا بموافقة وتنسيق مع إسرائيل، ستخفف الضغوط على الدوحة.
ومع الاخذ بعين الاعتبار ان التصريحات صدرت عن احد قيادات حماس المعروفين بتصريحات صادمة منذ انطلاق طوفان الاقصى، حيث اجاب على سؤال في بداية الطوفان ان حماس التي تحكم قطاع غزة غير مسؤولة عن توفير ملاجيء وحماية لمواطني غزة، وان الانفاق تم انشاؤها لحماية مقاتلي حماس، يصدر تصريحا جديدا حول عودة قيادة حماس للاردن، اذا ما طلب اليهم مغادرة قطر، ويستبعد ان يكون هذا التصريح جاء بعد نقاشات داخل المكتب السياسي وقيادة حماس، لا سيما وان رئيس المكتب السياسي لحماس "اسماعيل هنية" اكد في لقائه مع الاخوان المسلمين "فرع الاردن" بتركيا، قبل ايام، على عدم تدخل الحركة في الشأن الأردني الداخلي واشاد بحالة التضامن التي يلمسها الشعب الفلسطيني من الجماهير الأردنية التي تعبر عن نفسها دوماً، وتؤكد وحدة الشعبين.
ربما تكون تفسيرات كثير من المحللين ان حماس أرادت بهذا التصريح "استكشاف" مدى قبول الاردن بعودة قيادة حماس الى عمان، لكن دلالات الخطاب في تصريحات "ابو مرزوق" لا تشير الى مجرد استكشاف، بل تعبر عن استهداف للاردن، فالمحطة الفضائية التي اجرت معه اللقاء تابعة للمرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران، وهي لا تشير الى امكانية تنسيق مع الحكومة الاردنية والطلب منها العودة الى الاردن، بل تحدث وكأن الاردن ساحة ومليشيا، وربما هيء له انه يخطب في جماهير الكالوتي، وتمثل صورة عودة الخميني الى طهران.
ويبقى الأهم في تفسير تصريحات "ابو مرزوق" انها تكشف عمق مأزق قيادة حماس تجاه قضية المقر الجديد بعد الدوحة، وان التحريض الذي تمت ممارسته من قبل حماس ضد الأردن والتشكيك به وبمواقفه، اضافة لكونه بتعليمات إيرانية، انما كان يهدف لايجاد "ساحة" بديلة ليس لقيادة حماس في قطر فحسب بل ولقيادتها في قطاع غزة، لا سيما بعد تسريبات حول رفض القيادة السورية "العضو الأبرز في تحالف المقاومة" امكانية عودة حماس اليها، بعد ما يصفه السوريون بـ "غدر وخيانة" حماس بهم، وبالتزامن مع رفض ايران "زعيمة المقاومة" لان تكون مقرا لقيادة حماس، فيما اشارت تسريبات اخرى لاحتمال انتقال المكتب السياسي الى تركيا او العراق او اليمن او الجزائر، لكن ما يلفت النظر اكثر بهذه التصريحات ان قيادة حماس الخارج لا تطرح العودة للداخل بين شعبها ومواطنيها "على غرار عودة قيادة منظمة التحرير لفلسطين" ليكون حال قادة الخارج كما هو حال السنوار والضيف وغيرهما، بل ان طرح الأردن "ساحة بديلة" غير معزول عن تسريبات حول احتمالات خروج قيادات حماس من غزة لاي بلد يقبل بهم.
وفي السياق وبما ان "ابو مرزوق" يطرح عودة قيادة حماس للاردن، وليس الى قطاع غزة، فان ذلك لا شك، وان كان لا يعجب البعض، يطرح تساؤلات حول نتائج طوفان الاقصى من جهة، كما يطرح تساؤلات حول التقاطع بين هذه الطروحات وطروحات اليمين الاسرائيلي الذي طالما أكد ان القيادة والدولة الفلسطينية يجب ان تكون في الاردن وليس فلسطين، وهو ما يؤكد مقاربات اردنية عميقة مفادها ان ابرز التحديات التي يواجهها الاردن اقليميا، الارهاب "شيعيا وسنيا" واليمين المتطرف، اسرائيليا وفلسطينيا.
وبعيدا عن تصريحات مصادر رسمية أردنية "لم تذكر" حول رفض الاردن عودة قيادة حماس للاردن، وبمرجعية رفض "الفصائلية والمليشيات" على ارضه، لأسباب مرتبطة بكونه دولة لها مصالحها العليا ومن واجبها الحفاظ على امنها الوطني، فالمؤكد ان الأردن لن يقبل عودة قادة حماس بوصفهم قادة لتنظيم غير اردني، والاردن كما بقية دول العالم يعترف بشرعية واحدة للشعب الفلسطيني وهي السلطة الوطنية الفلسطينية، فيما اعتراف حماس بها او عدم اعترافها تبقى مسألة داخلية فلسطينية، ولعل لسان حال الاردنيين، بعد تصريحات ابو مرزوق: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وربما ترتسم على وجوه بعضهم ابتسامات ممزوجة بسخرية تجيب على ابو مرزوق.