ارتفعت الأرباح الصافية للبنوك الأردنية من أنشطتها المحلية إلى 660 مليون دينار عام 2023 مقارنة ب600 مليون دينار عام 2022.
نمو أرباح البنوك المجمعة بحوالي 10% إلى رقم قياسي جديد، يأتي رغم استمرار حالة الركود الاقتصادي في البلاد.
أي أنه لا يعبر عن نمو النشاط الاقتصادي، ولا عن نمو النشاط الإقراضي للبنوك ذاتها، حيث نمت التسهيلات البنكية بأقل معدل لها منذ أكثر من 12 عاما، بواقع 2.7% فقط في 2023.
المفارقة لا تتوقف هنا.
فأرباح البنوك القياسية جاءت رغم تشدد البنك المركزي في متطلبات تصنيف القروض المتعثرة، وارتفاع قيمة الأخيرة لدى البنوك الأردنية بأكثر من 200 مليون دينار، بمخصصات (خصومات من الأرباح) تجاوزت ال 140 مليون دينار العام الماضي.
ولولا هذه الخطوة من البنك المركزي لتجاوزت أرباح البنوك حاجز ال 700 مليون دينار في 2023.
ارتفاع الأرباح جاء أيضا رغم ما تظهره أرقام البنك المركزي من انخفاض الهامش بين فائدة القروض والودائع "المربوطة" إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من 20 عاما.
كيف ارتفعت إذا أرباح البنوك؟
الإجابة تكمن في أسعار الفائدة، ولكن ليس فائدة التسهيلات... بل فائدة الودائع.
فحوالي 35% من الودائع لدى البنوك لا تتأثر بارتفاع الفائدة كونها حسابات جارية وحسابات توفير.
وهذا يعني أن ارتفاع فائدة السياسة النقدية يرفع أرباح البنوك من الفوائد، حتى لو افترضنا بقاء الهامش ثابتا بين فائدة القروض والودائع "المربوطة مقابل عائد محدد".
كما أن الفائدة على التسهيلات ترتفع بشكل مباشر، بينما تحتاج فائدة الودائع مدة أطول للارتفاع، مما بتسبب بفارق زمني لصالح أرباح البنوك.
هذه السيناريو ليس محصورا على الأردن، بل هو سيناريو متعارف عليه عالميا، حيث يترافق ارتفاع الفائدة مع ارتفاع مقابل في أرباح البنوك، والعكس صحيح، إلا في الحالات الاستثنائية الخارجة عن المألوف.
وهذا يفسر اختيار البنك المركزي لهذا التوقيت بالذات للتشدد في تصنيف القروض غير العاملة لدى البنوك. فالأرباح المتزايدة قادرة على امتصاص كلفة المخصصات الإضافية دون التأثير سلبا على المراكز المالية للبنوك.
بكل الأحوال، علينا التذكر بأن تناول أرباح البنوك بعيدا عن الأرقام المطلقة، يجعلنا نتحدث عن عائد 10% تقريبا على رأس المال، وهو عائد غير مرتفع إذا علمنا أن فائدة وديعة في البنك يمكن أن تحقق 7% سنويا ضمن الفوائد السائدة.
ولكن مع ذلك، يبقى تحقيق البنوك لنمو مريح في الأرباح دون عناء استثنائي، مقابل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها المملكة، محط انتقاد "شعبي وشعبوي" لا يمكن تجاوزه، خصوصا وأن الأرباح البنكية، مصدرها الفوائد المكلفة للمواطن والاقتصاد بطبيعة الحال.
وبما أن الضريبة على البنوك مرتفعة من الأساس، لا يبقى أمامنا إلا احتمالان.
الأول تشجيع المزيد من مبادرات المسؤولية الاجتماعية للبنوك. ومن الإجحاف إنكار ما تبذله البنوك الأردنية على هذا الصعيد.
والثاني فني بحت يتمثل باستخدام أدوات السياسة النقدية لتخفيض الفائدة التي تجنيها البنوك على سيولتها الفائضة - دون تعديل سعر فائدة الأساس على الدينار. وهنا تحديدا يجدر التفكير بتخفيض حجم شهادات الإيداع التي يصدرها البنك المركزي للبنوك التي تمتلك فوائض مالية كبيرة.
أخيرا، علينا النظر لأرباح البنوك كمعادلة مرتبطة بدورات الارتفاع والانخفاض في أسعار الفائدة. فكما ارتفعت الأرباح نتيجة ارتفاع الفائدة العام الماضي، فإنها ستنخفض بانخفاض الفوائد مستقبلا.