الانتخابات النيابية ما بين الواقع والمأمول
خالد سليمان المعايطة
29-04-2024 10:11 AM
بعد أن أصدر جلالة الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب العشرين، قام مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب اتخاذ قراره بتحديد موعد الاقتراع ليكون العاشر من شهر أيلول لسنة ٢٠٢٤.
البرلمان هو تعبير عن أسلوب لمشاركة المواطنين في الحياة السياسية، وهو مؤسسة ديمقراطية يقوم على حرية المشاركة السياسية والتعددية الحزبية، ويكون للبرلمان السلطة الكاملة فيما يتعلق بإصدار التشريعات والقوانين، أو إلغائها، وله التصديق على الإتفاقيات الدولية والخارجية التي يبرمها ممثلون السلطة التنفيذية، وله أيضًا مهمة الرقابة على أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمامها. وقد جاء في المادة الأولى من الدستور الأردني أن نظام الحكم في الدولة هو نيابي ملكي وراثي.
وبحسب قانون الإنتخاب الجديد فقد تم تقسيم المملكة إلى ثماني عشرة دائرة إنتخابية محلية، ودائرة إنتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة، خصص لها جميعًا (١٣٨) مقعدًا، حيث خُصص للدوائر الانتخابية المحلية (٩٧) مقعدًا وفقًا لنظام القائمة النسبية المفتوحة، في حين خُصص للدائرة الانتخابية العامة - الحزبية - (٤١) مقعدًا وفقًا لنظام القائمة النسبية المغلقة، وللسائل عن الفرق ما بين نظام القائمة النسبية المفتوحة والقائمة النسبية المغلقة، هو أن الناخب وفق القائمة النسبية المفتوحة يصوت للقائمة إبتداءً ثم يختار مابين المرشحين داخل القائمة، فقد يصوت للجميع وقد يختار شخص واحد أو عدة أشخاص ما بين المرشحين داخل هذه القائمة. أما فيما يخص نظام القائمة المغلقة مفادها أن الناخب يصوت لقائمة حزبية واحدة فقط، وليس له الحق في إختيار أشخاص من داخل هذه القائمة فهو يصوت للحزب بغض النظر عن شخوصه. هذا ما يتعلق بشكل مجلس النواب القادم.
وللبحث في مضمون مجلس النواب القادم، لابد من الإجابة عن السؤالين التاليين: لماذا تم وضع قانوني الإنتخاب والأحزاب السياسية بصيغة جديدة مختلفة عما سببها من قوانين؟ وهل أصبحت المؤسسة التشريعية والرقابية بحاجة إلى تطوير وتغيير في آلية إختيار شخوصها وفي آلية قيامها بأعمالها؟
إن ما جاءت به القوانين الجديدة هي أنها أسست إطارًا تشريعيًا لحياةٍ حزبيةٍ تهدف للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية، بمعنى أنها تسعى إلى نبذ العمل الفردي للنائب وتؤسس لعمل نسيج نيابي متآلف قائم على التكتلات السياسية والتيارات البرامجية.
إن البرلمان القادم يحمل بطياتهِ نقلةً نوعيةً في الحياة البرلمانية ستنعكس على عمل البرلمان وأدائه ومخرجاته التشريعية، بحيث ستكتسب طابعًا حصيفًا ومتميزًا ومتطورًا ومواكبًا لأي طارئ، لاسيما أن الشباب سيكون لهم دورًا فاعلاً ومهمًا في خوض غمار الانتخابات بعد أن تم تخفيض سن الترشح ل ٢٥ عامًا.
يسير الجميع، يدًا بيد لإنجاح هذه التجربة، وهذا ماهو مأمول، لكن هل للواقع رأي آخر؟
في تتبع واقع الحالة الانتخابية مع قرب موعد الإقتراع هنالك حالة من عدم الاهتمام وضعف الحماسة من قبل المواطنين في التفاعل والحديث عن الاستحقاق الانتخابي على مستوى الدوائر المحلية وحتى الحزبية، كما أن هنالك أيضًا حالة غير مسبوقه من الإحباط.
وعليه، إذا أردنا أن نسير في ركب النجاح علينا أن لا نكون سلبيين، بل أن نقوم بدورنا الإيجابي في محاولة لإنجاح هذه التجربة ولكن بطابعٍ مختلف، إذا أن إختيار المرشح يجب أن يكون ابتداءً من الناخبين لا أن يقوم المرشح بفرض نفسه على الناخبين. فالمسألة قمة في الإختلاف، فطالب الولاية حتمًا لايولى، لأن له مآربه ومصالحه، فيكون الاختيار تشاركيًا ليتحمل الناخب مسؤولية إختياره وليكون هنالك جانبًا من الرقابة الشعبية لكيلا ينسلخ النائب عن قواعده الشعبية في حال وصوله قبة البرلمان.
وفيما يتعلق بالقائمة الحزبية لابد أن يكون لأعضاء الحزب دورًا رئيسًا وفاعلاً في إختيار تشكيلة القائمة التي تمثل الحزب ليتسنى لهم تسويقها وشخوصها ومبادئ الحزب وبرامجه، لا أن تفرض من قبل ثلة قليلة من أعضاء الحزب المسيطرين عليه.
ولتجديد الثقة بمؤسسة البرلمان علينا جميعًا أن نتكاثف لإختيار أشخاص أكفاء وأصحاب فكر وعلى قدر من المسؤولية والوعي، هدفهم رفعة الوطن وخدمة مليكة وخدمة المواطن وليس تحقيق مكاسب ومصالح شخصية.