الأردن بشكل أو بآخر، بلد شبه محاصر اقتصادياً، والسبب هو أحداث الإقليم وهذا ليس بالأمر الجديد على الأردن، فلقد حوصر سابقاً إبان حرب تحرير الكويت مثلاً.

والأردن الذي يتموضع جغرافياً في موقع حساسٍ ألقى ويلقي على كاهله كل يوم بأعباء كبيرة جداً لا تخفي إلا على ناكر، يبحث عن رجال الدولة فيه، وكان يجدهم في مختلف المحطات المفصلية التي مضت.

محزن أن الكثرة من رجال الدولة الذين نحترم، لا يظهرون اليوم وسط ظروف صعبة ودقيقة يعانيها الإقليم جراء المذبحة الصهيونية المستمرة في غزة، والأردن في مقدمة من يتأثرون بهذا الواقع.

بالأمس نشر رئيس الوزراء الأسبق النائب الأول لرئيس مجلس الأعيان سمير الرفاعي، مقالاً ثرياً في "الرأي" العتيدة، أكد فيه على الأهمية القصوى للمشاركة في الانتخابات النيابية التي حسم جلالة الملك أمرها يوم الاربعاء الماضي.

الرفاعي الذي ترأس اللجنة الملكية للتحديث السياسي يرى وأنا أتفق معه تماماً، بأن المشاركة ليست حقاً فقط، وإنما هي واجب سواء على مستوى الأحزاب أو الافراد، فمن يشارك يسهم في تحديد مضمون البرلمان المقبل، ومن لا يشارك يسهم هو الآخر وبذات القوة في ذلك.

إذا كنا نريد حياة سياسية أقرب ما تكون إلى المثالية، وإذا كنا مهتمين حقاً بحاضر ومستقبل الأردن وسط إقليم ملتهب لا تهدأ له بال، فالأصل هو المشاركة، والأصل كذلك هو ظهور رجال الدولة الأفاضل الذين لم يقصر الأردن معهم جميعاً عبر تاريخه قديمه وحديثه.

أما منهجية "وأنا مالي" فليست مستساغة ولا مقبولة أبداً في هذا الزمن المنفلت من عقاله، فإن لم يجد الأردن رجاله اليوم، فمتى يجدهم إذن!.

الرفاعي تكلم وعرض رؤيته ووجهة نظره بأسلوب وطني يحترم، وكذلك رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز لا يدخر جهداً في مناقشة الواقع الوطني وحاجة الأردن للالتفاف حوله وحول العرش الهاشمي، لكننا نفتقد أسماء كثيرة مهمة لا تدلي بدلوها في واقع الدولة والمصالح العليا للوطن، ولا نجد عذراً لأحد عندما يتعلق الأمر بهذه المصالح.

نشكر السيد الرفاعي على مقالته الوافية الشافية، وننتظر منه المزيد، وأبواب "الرأي" وكعادتها مفتوحة له وللجميع، كما نأمل وننتظر من أقران (الفايز والرفاعي) الظهور على ساحة النقاش والحوار، بما يعزز المسيرة الوطنية وتقديم رؤاهم الوطنية للرأي العام الأردني، وبالذات لجهة تحفيز جمهور الناخبين على المشاركة في الانتخابات، باعتبارها حقاً وواجباً كما قال الرفاعي.

الله من أمام قصدي

الراي