«الجوع كافر» هي عبارة نسمعها تتردد بين الفينة والأُخرى... لكن الذي لا نسمعه كثيراً هو أن أكثر من مليار شخص حول العالم يعانون من الجوع... فالجوع يعتبر من أهم عوامل تحريك الثورات عالمياً للمطالبة بالعدل الإجتماعي؛ إضافة الى أنه يعتبر باعثاً رئيساً للغضب وتوليد الأحقاد والعنف!.
الجوع في ميزان البشرية له آثار ضخمة، فقد أدى الى هدم كثير من الحضارات التي كانت... كما وأدى أحياناً أُخرى الى رسم بعض الحضارات وأكبر مثال على ذلك هو ما حدث مع «عزيز مصر» عندما رأى في منامه سبع بقرات عجاف يأكلن سبعٌ سمان وٍسبع سنابل خضر وأُخرى يابسات.. حيث كان تفسير «سيدنا يوسف» لهذه الرؤية بأنه سوف يأتي على البلاد سبع سنوات من الخير والغلال يلحقها سبع سنوات عجاف.. وبأن على المسؤولين التخزين في سنوات الخير تحسباً للسنوات العجاف... فكانت تلك هي أول نظرية على مستوى العالم لكيفية مواجهة الجوع.. مما أدى بالتالي إلى استمرار وانتعاش الحضارة الفرعونية في ذلك الوقت.
وفي الوقت الحالي نجد أننا جميعاً نتألم عندما نشاهد على التلفاز صوراً عن المجاعات لأطفال ذوي بطون منتفخة وأيدي وأرجل نحيلة. وكثيراً ما تحتل هذه الصور والقصص الإخبارية المريعة العناوين الرئيسية، غير أنها لا تعطي سوى صورة مجتزأة عن حقيقة الجوع... فإذا كان الإنسان جائعاً ولم يكن لديه طعام متاح بمعنى لا شيء على الإطلاق، فعندها يبدأ الجسم بالتغذّي على دهون وأنسجة الجسد ذاته، وإن لم يأكل لمدة طويلة فقد يفقد الإنسان نحو 50 في المائة من وزن جسمه؛ مما يؤدي بالنهاية إلى الوفاة!.
ثمة ملايين من سكان العالم لا يتناولون كل يوم سوى الحد الأدنى من الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة!!... وكل ليلة يذهبون إلى فراشهم غير واثقين ما اذا كان سيوجد لديهم ما يكفي من الغذاء للغد وهو ما يسمى بإنعدام الأمن الغذائي... لكن من المؤلم حقاً هو أن نجد في بلدنا الغالي بعضاً من العائلات المستورة والمتعففة تعاني من انعدام الأمن الغذائي!!.
إن الفقر يعتبر من أهم مسببات الجوع.. ولمكافحتهما معاً علينا العمل بجدية على تعبئة المجتمع بمبادرات جديدة تهدف إلى تنشيط العمل والمشاريع الصغيرة وبث روح المنافسة والإنتاجية والمسؤولية لدى الطبقات الفقيرة... كما ويعتبر تقديم الدعم للطبقات الفقيرة من كافة الفئات والجهات ضرورة في الحاضر والمستقبل.. ويتوجب علينا جميعاً كمجتمع متحضر تطوير آليات الدعم لمبادرات المشاريع الصغيرة والاعتماد على الذات حتى لا يكون الفقر مواكبا لقلة النشاط والتواكل، وقلة الإنتاجية!!.
Diana-nimri@hotmail.com
www.diananimri.com
الرأي