ماذا يعني حراك الجامعات الامريكي؟
نديم ماهر الرواشدة
28-04-2024 10:26 AM
في البداية علينا أن نتفق أن كل محاولات تزييف الوعي التي تعرض لها المجتمع الغربي قد باءت بالفشل، وأن سردية الاحتلال ووجهة نظره عن الصراع التي كانت تسيطر على الوعي الغربي، والتي تم ترسيخها منذ عقود من خلال الإعلام وكافة الأدوات، انهارت أركانها وانخفضت مصداقيتها بشكل قوي، وبدأ الناس هناك برؤية الواقع الذي يقول أن هذا الاحتلال مجرم وأنه يرتكب جرائم حرب بحق المدنيين وأنه هو الذي بدأ الصراع منذ احتلاله فلسطين قبل قرابة ال100 عام.
على صعيد آخر فنستطيع اعتباره بمثابة رد اعتبار لكافة قيم ومبادئ حقوق الإنسان والنزاهة، والتي انخفضت شعبيتها منذ 7 اكتوبر لصالح قيم اقل حضاريه وانفتاحا؛ وذلك كان نتيجة لكون حكومات الغرب - التي تتبنى هذه القيم وتردد شعاراتها ليلا نهارا - قد مارست نقيضها تماما عندما تعلق الأمر بمصالحها الاستراتيجية والسياسية، ولكن الحراك الطلابي الأمريكي أثبت للعالم مرة أخرى، أن قيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان قيم إنسانية وليست قيم غربية وأن عدم التزام الحكومات الغربية بها لا يعني أبدا أن نهجرها لصالح أفكار ظلامية، وأثبت هذا الحراك أن الشعوب الحية تنتفض لمناهضة كل أنظمة القهر والظلم في كل بقاع الأرض فلا شك أن هذه الاحتجاجات تعتبر بمثابة إعادة ثقة لهذه القيم والمبادئ وإعادة الثقة لمدى قدرتها على تحريك الشعوب.
بالإضافة لأن هذا الحراك قد وفر للقضية الفلسطينية جمهورا عريضا من الناخبين الذين بحسب بعض المحللين والكتاب سيلعبون دورا مهما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي تطرق الأبواب، وهذا ليس كلاما وهميا؛ فبالنسبة للحزب الديمقراطي الأمريكي الذي يقود الولايات المتحدة اليوم والذي سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة تمثل فئتي الشباب والأقليات العرقية في المجتمع الأمريكي جزءًا مهماً من القاعدة الانتخابية للحزب، وبكل تأكيد انخراط هذه القوى والحركات الاجتماعية في قلب الحراك المناهض لاستمرار الحرب على إسرائيل سيلعب دورا مهما في الانتخابات القادمة، بالإضافة لأن الحركات الطلابية تمتلك تاريخا حافلا ومتقدما على غيرها من القوى من حيث قدرتها على التأثير والتغيير، فالاحتجاجات التي كانت مناهضة لحرب فيتنام كانت بدايتها من عند الطلاب، ولنا في السودان واليمن وكافة دول العالم شواهد مهمة تثبت أن الطلبة دائما ما كانوا حراسا للديمقراطية وقيم الحق والاستقلال والعدالة والحرية.
ومع بدء انتشار عدوى حراك الحرية الطلابي الأمريكي في عدد من الدول الغربية؛ فالأخبار تشير إلى أن عددا من الاحتجاجات والمظاهرات قد بدأت في كل من استراليا وفرنسا لتعبر عن تضامنها مع الطلاب الأمريكيين وتناهض الحرب على غزة، بكل تأكيد يجب على الحركة الطلابية العربية والأردنية خصوصا أن تستغل هذا الزخم وتشارك فيه وتشتبك مع هذه الأحداث وألا تتخلى عن دورها في المساندة والدعم وإظهار التضامن مع هذا الحراك.
عاشت الحركة الطلابية العالمية