حب الأردن قصيدة رائعة يدبج كلماتها شاعر ملهم، ولكن قبل ذلك حب الأردن عمل دؤوب وجهد مبذول بلا ملل ولا كلل، وعطاء دائم، دون انتظار مكافأة، ودون توقف على الجزاء.
حب الأردن أغنية جميلة وأهزوجة عذبة يصوغ ألحانها فنّان نديّ الصوت رقيق الأنامل على أوتار الزمن، ولكن حب الأردن قبل ذلك، إشغال العقل وإدامة التفكير، واستمرار اليقظة، وتجهيز الذهن من أجل حسن الإعداد وتمام الترتيب وإحكام العقد، وبيان الدرب للأجيال القادمة.
حب الأردن يتجلّى في حسن التعاون بين فئات المجتمع، والقدرة على استثمار الطاقات، والفن في لملمة الجهود، واستقطاب الكفاءات، والبحث عن المبدعين المخلصين الأمناء الأوفياء وتوظيفهم في عملية البناء الوطني.
حب الأردن يظهر في تعزيز روابط الأخوة في المجتمع، وتعزيز أواصر القربى، ومقاومة النخر في النسيج الاجتماعي، ومقاومة النعرات والقضاء على العصبيات، برفع شأن العقل وإعلاء منطق الاتزان والحكمة.
حب الأردن ينمو ويزدهر في إتقان العمل الجماعي على تطوير الأردن وتحديثه ليبقى نموذجاً عربياً أصيلاً في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، والتقدم المادي المصحوب بالتقدم الأخلاقي القيمي والسلوك الحضاري.
حب الأردن يلمع في إيجاد أطر شبابية، قادرة على صيانة البيئة، ونظافة الشوارع والأفنية والميادين والساحات، والانخراط في مجالات العمل التطوعي التي تسهر على تقديم الخدمة للمواطنين، وأصحاب الحاجات.
حب الأردن يترعرع في تمتين الصف الداخلي القادر على مواجهة العدوّ المتربص الذي يبث الفتن، ويغذي الفرقة، وينشر الإشاعات، ويملأ أرضنا وسماءنا بالتحريض والسموم التي تثير التنازع والتشاحن، ويبذر بذور الحقد والضغينة والتوتر والتأزم؛ من أجل زعزعة الوحدة الوطنية.
حب الأردن يوجب علينا مقاومة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، والضرب على أيدي العابثين، الذين سطوا على المال العام، وبددوا مقدرات الدولة وأضاعوا مكتسباتها على مذابح شهواتهم ونزواتهم المريضة.
حب الأردن يتجلّى في إرساء معالم الفضيلة، ومحاربة الرذيلة وتعزيز قيم التحضر، ومقاومة التخلف وأسبابه ودواعيه، ونشر ثقافة الاحترام والصداقة والمودة والتسامح.
حب الأردن شمس تشرق في نفوس الحراثين والعمال الذين يوقظون الشمس من نومها وهم ينادون خلف (الفدان) من أجل استقامة الحراثة وجودتها، وتشرق في نفوس عمال الأمانة وهم يلتقطون بقايا المترفين ونفايات البشر ليجمعوها بعيداً عن ايذاء الناّس.
حب الأردن شمس تشرق في نفوس أسراب التلاميذ الذين استيقظوا باكراً للحاق بطوابير مدارسهم، ويهتفون للعلم والوطن، وتشرق في نفوس المعلمين الذين استعدوا لنقل المعرفة وايصال المعلومة، من أجل صقل هذه البراعم التي سوف تصنع المستقبل القادم.
حب الأردن يتدفق سيلاً في نفوس رجالات الوطن جميعاً، كل على ثغره وعلى رأس كل عمل، هذا يحرس الأمن، وذاك يقدم الخدمة، وذاك يصلح ما عطب من مرافق، وهذا يوجّه المارّة، وذاك يبيع الخبز وآخر يسرع في إحضار الخضار والفواكه، وآخر من يسعى لإحضار مستلزمات التموين، وفريق يسهر على راحة المرضى والموجوعين، وأخرون كثر كل في عمله وتجارته وخدمته.
وإذا كانت الدنيا كلها أخذ وعطاء، وبيع وشراء، فيمكننا القول في الختام الحبّ خدمة وعطاء، وتضحية وفداء، وصدق ووفاء، وتعاون وصفاء، وعمل ونماء، وولاء وانتماء، وكرم وسخاء، قبل أن يكون قولاً وادّعاء.
rohileghrb@yahoo.com
الرأي