الأحزاب والانتخابات، وسؤال: محلّك سر!
باسم سكجها
27-04-2024 09:02 PM
يُفترض أنّ كلّ من ينتمي لحزب سياسي أن يعرف في قليل القليل إسمه وبعده توجّهاته وبعد بعده برنامجه، وهكذا إلى آخر الأمر من انتماء يوصل إلى المشاركة في الانتخاب وربّما الترشّح، ولكنّنا نكتشف أنّ حتى بعض المنتمين لا يعرفون أسماء أحزابهم!
تتشابه أسماء الأحزاب عندنا حتى بتنا نحار فيها، وحين نسأل يأتينا جواب سريع: هذا حزب فلان، وذلك حزب علان، أو أنّ الاجابة تكون: هؤلاء هم الفلانيون وأولئك العلانيون، وهكذا فنحن نتحدّث عن شخص أو أشخاص، قلّوا أو كثروا!
من السهل أن يجترح أيّ منا إسم حزب: وتبدأ من الوطني والديمقراطي والمدني والإسلامي والدستوري والحرّ والتقدمي والشعبي والاشتراكي والوسطي، وغيرها الكثير ممّا يمكنه أن يزاوج بين الأسماء.
وإذا كان تصعيب أمر تأسيس الأحزاب، أو إعادة تأهيلها، هدفاً من أجل احتواء عددها، باعتبار أنّ الزحام يعيق الحركة، فيبدو أنّ حسابات الحقل لم تأت كحسابات البيدر، فقد كان لدينا نحو خمسين وصار عندنا نحو خمسة وثلاثين فقط!
لم نستطع الوصول إلى الهدف، ولا نظنّ أنّ هكذا تورد الإبل، وليس في قناعتنا أنّ التحديث السياسي يأتي بهذه الطريقة التقليدية السمجة، بل في توحيد القُوى التي تؤمن بالفكر نفسه، وتحمل قناعات بالعملية السياسية التي ليس لها هدف سوى المشاركة في تقرير المستقبل، بصرف النظر عن الشخصنة.
وعليّ، هنا، أن أعترف: كُنت في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من المعارضين للتدرّج في تحزيب العملية الانتخابية، وظننتُ أنّه ينبغي للمسألة أن تأتي مرّة واحدة، بجرعة واحدة، وصدمة تجعل الناس واقفين أمام واقع الانتخاب على أساس الحزب لا على أيّ شيئ آخر، ولكنّني كنتُ مخطئاً مثل غيري!
وسوف أتجاوز الأمور، هنا، بعد رؤية متمهّلة لما جاء من تطوّرات، فأقول إنّه يمكن لشخص يملك مالاً وجاهاً ممتداً وطمعاً في الوجود تحت القبّة، أن يؤسس حزباً، وافي الشروط والمتطلبات القانونية، ولكنّ السؤال المهمّ سيظلّ حائراً: هل نحن أمام تحسين وتطوير لحياتنا السياسية أم أنّنا سنواجه واقع: مكانك سرّ؟
ما زل الوقت مبكراً جداً لمعرفة شكل خريطة ما بعد الانتخابات، ولكنّنا نتوقّع أنّنا سنعيش الواقع نفسه إذا ما ظلّت رؤوس الأحزاب غير مقتنعة بالاندماج أو في القليل التحالف منذ الآن، وفي مطلق الأحوال فالفرصة ما زالت متاحة، لأنّ التأثير لن يكون بوصول شخص واحد عن كلّ حزب، وهكذا فكأنّ زيداً ما غزا بل فاز من الغنيمة بالإياب، وللحديث بقية!