موسم الانتخاب ومحاور الخطاب
د. محمد العزة
26-04-2024 11:27 AM
تدور الايام وتتقلب الأشهر وتطوى السنوات ، لتكشف لنا ما ننتظره في طياتها وثناياها ، مما تخفيه من مواسم ، وما يتطلبه منا الأمر من أستعدادت لأستقبالها بما يلزم من عدة وأدوات ومراسم ، وها هو الموسم الانتخابي يطل علينا هذا العام في موعده الدستوري الرسمي ، بقرار ملكي كأشارة للقوى السياسيه والحزبية والاجتماعية بالحراك ودعوة القوى الشعبية ومخاطبتها للمشاركة في العملية الانتخابية وفق المسارات الديمقراطية ، لاختيار رواد المجلس النيابي ، وأمناء القرار التشريعي الاردني ، ذلك القرار الذي ما أن يصدر ليصبح قيد التنفيذ والنفاذ ، ظهر تأثيره على ملامح المواطن الاردني اينما وجد واينما كان وفي اي قطاع اقتصادي زراعي طبي تعليمي ، فأما أن تزداد كشرته رمز هيبته ، واما ان تنفرج سرائره تبسما لتبرز نواجذه، وبعيدا عن مؤشرات نتائج التقييم لأداء مجلس النواب الحالي التاسع عشر ، الذي صادف بأنه يحمل نفس الرقم لتلك الجائحة البغيضة كورونا ١٩ والتي زادت الأعباء والانواء على هذا الوطن الغالي والإنسانية جمعاء ، مزيدا من الركود الاقتصادي ، وضغطا على القطاع الطبي ، وتحولا في النهج التعليمي ، وتغير النمط الاستهلاكي الاجتماعي ، وظهور أهمية القطاع الزراعي ، وماتركته من تداعيات سلبية على جميع مظاهر مستوى العيش الاجتماعي ، ليبرز أهمية دور صانع القرار الحكومي وأنسجامه وشراكته مع دور المشرع القانوني ، لإدارة الأزمة واي أزمة في أي مرحلة واين كان شكلها ونوعها ، لإدامة واستدامة الخدمات وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن وضمان سير عجلة التنمية للدولة ، والذي هو واجب الحكومة ومن يكون في موقع المسؤولية ،وهنا قدم ذلك المجلس ماقدم واجتهدت الحكومات ما اجتهدت ، في محاولة للبقاء في منطقة المنتصف أو الوسط المستقر المثير للحيرة المميت ، فنحن لم ننجرف للهاوية والانهيار بفعل الإجراءات الحكومية المحافظة والمتحفظة القاسية ، ولم نصعد نحو قمة الانتعاش وتحقيق ارقام معدلات النمو التي نرغب والتي تنتج في العادة عن الابتكار وجرأة القرار .
اليوم ينتظر المواطن الأردني لحظة التغيير ، لحظة الخروج من منطقة المنتصف ، وتحديدا قاع المنتصف الذي لطالما سمع وعودا وعهودا بالخروج منها ومن عنقها ، ولطالما تأهب لاستقبال ايام اجمل تعوضه عن ما ذاقه من مر وتحمل ، وبقيت الأوضاع تراوح مكانها ، وتختل أوزانها ، خاصة مع مستجدات الحرب الروسية الأوكرانية المدعومة غربيا وامريكيا ، ليأتي العدوان الصهيوني الوحشي الغاشم على غزة ، ليعمق الأزمة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
أبناء شعبنا الاردني العظيم ، أبناء الأغلبية الصامتة ، المهمشة، العازلة نفسها عن الحدث والحالة ،الذي سأظل أخاطبه واخاطبها بعد كل مقدمة قصيرة أو طويلة كما هو أعلاه ، ونحن مقبلون على استحقاق وطني هام ، ستكون نتائج مخرجاته وأختياراته في ظل المعطيات والظروف التي ذكرناها ، من أكثرها تأثيرا على الشأن العام ، في هذه المرحلة الهامة من عمر الدولة الأردنية، فماذا اعددتم من خطاب كناخبين فاعلين محبين لوطنكم، حافظين لكرامتكم ، حريصين على مستقبل أبناءكم ومستقبلكم مخلصين لهذا الوطن وقيادته من خطاب ستوجهوه لكل من يريد أن يترشح لمجلس النواب القادم ، نعم عليكم أن تغيروا قواعد اللعبة ، ولغة الحوار ، وتبادل الأدوار ، لا تنتظروا منهم الخطب الرنانة ، ولا طلبات الترجي والفزعة الزنانة ، أو أساليب مقايضتكم على مصيركم ومستقبلكم مقابل بضع دنانير ، يدفعها جهلة السياسة، وضعاف الإدارة ، وسماسرة الاوطان والعطاءات والمقاولات ، الذين لا نلمس وجودهم أو غيابهم ، الا في ذلك اليوم ، وتلك اللحظة، ليذكروكم بفقركم ويساوموا على كلمتكم وقراركم وليديروا ظهورهم ويتناسوا وينسوا معاناتكم ، إلى أن يحين اللقاء في موسم اخر ، ولتبقوا انتم عراة حفاة ضحايا الهواة الذين لا يمتلكوا معرفة العلم وثقافة المعرفة ونهج الفكر والمنطق والاقناع والرد في الإجابة على ما يتوقعوه منكم من خطاب واستجواب عن خطط النهضة ، للتعليم ومساقاته وجودة مناهجه ، وللصحة ونظام تأمين شامل جميع شرائح المجتمع ، وحتى إن كان مقابل رسم رمزي أو معقول مقبول مقابل خدمة تلائم حياة الإنسان الاردني ومشاريع الإنتاج وتأهيل الايادي العاملة الوطنية الماهرة وتقليل من نسب البطالة ، أو عن إجراءات دفع العجلة الاقتصادية التي من شأنها تحريك المياه الراكدة سواء من فرض نظام الضريبة المتصاعدة ، ودعم الطبقات الاجتماعية الكادحة الفقيرة ، وخفض الرسوم والضرائب ورفع الحد الأدنى للأجور وزيادة موارد خزينة الدولة وعكسها على الإنفاق على تحسين الخدمات في جميع القطاعات في جميع المجالات ، كالبنية التحتية وإعادة صيانة الشبكة العامة للكهرباء وتوفير وسائل النقل وشبكة القطارات والمشاريع التي طرحت وصارت أسيرة الإدراج المغلقة .
الاردن وطننا الاردني العظيم يستحق منا هذه المرة بأن يكون الشعب الاردني المعطاء الكريم هو المبادر والمطالب بتغير نمط النهج للأداء القديم عند الحكومات واعضاء البرلمانات ، ولطالما نادى سيد البلاد في العديد من المرات وبالعديد من التوجيهات بأن يكون التغير والتحديث لأجل خير هذا الوطن من عمق وصلب القواعد الشعبية بمارسة حق الرقابة والتعبير و نقد الإجراءات الحكومية عبر القنوات التشريعية الديمقراطية ، التي يشكل احترامها والايمان بها، بوابة البقاء ،وعناصر البناء وتحقيق الرفاه الاجتماعي ومعالم الازدهار لدولتنا الأردنية الهاشمية .