لماذا يصر "نتنياهو" على اجتياح رفح ؟
د. محمد كامل القرعان
26-04-2024 10:14 AM
محاولة تعويض شعور جيش الاحتلال الاسرائيلي بالعجز في مواجهة ما خلفته عملية “طوفان الأقصى”، التي أصابت كيانهم في عمق كبريائه، وكسرة صورة هيبة الجيش الذي لا يقهر امام العالم ولا سيما امام خصمه المقاومة الفلسطينية، انخرطت اسرئيل في عدوان دموي شامل اتى على الانسان والشجر والحيوان والمال متناسين خلال ذلك قضية الأسرى الإسرائيليين لدى رجال المقاومة والذين أدار لهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ظهره ، فصاروا بنكرانه هذا مشكلته المباشرة، المعقدة والعويصة أمام الرأي العام الداخلي.
وما أسفرته حرب الإبادة الجماعية وخلفته حتى الآن، عن استشهاد أكثر من 33 ألف فلسطيني وفلسطينية، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين، والمئات ما زالوا تحت الأنقاض، وعشرات الآلاف من الجرحى، يصر رئيس الحكومة الاسرائيلية اليمنية المتطرفة بنيامين نتنياهو، على اجتياح مدينة رفح.
وفشله في تحقيق وعوده للاسرائيلين والتستر خلف اكاذيبه وتضليله للرأي العام الاسرائيلي خاصة والعالم بشكل عام في تحقيق اهداف الحرب تتصدر الدافع الاولى لمهاجمة رفح بعدما اغرق جيشه في مستنقع غزة ، وبعدما كذب مؤيديه لتلبية الشروط الثلاثة التي وضعها نتنياهو كاهداف لانتصار جيش الاحتلال في الحرب والقضاء على المقاومة الفلسطينية التي ما زالت تواجهه ، بكل بسالة، حتى في المناطق الشمالية من القطاع التي توهم أنه قادر على القضاء عليها بعد أكثر من 7 شهور من توغله البري في أراضي القطاع ؛ وما يعتبره في هذه الحرب المستعرة بان الانتصار هو أمر محسوم.
وطرح نتيياهو ثلاثة شروط لإنهاء الحرب على قطاع غزة، وهي: تدمير حماس، ونزع السلاح من غزة، وتغيير التوجه الفلسطيني في القطاع . وهي شروط بالمجل لا غنى عنها بالنسبة لحكومة المتطرف لأنه كما يدعي الرد الوحيد لمنع تكرار الفظائع والضمان الوحيد بعدم وقوع المزيد من الحرب وحمام الدم ، وهذا الهدف يحتاج إلى "حرب طويلة"؛ وايضا إقامة منطقة أمنية موقتة متاخمة للسياج وآليات رقابة على الحدود بين غزة ومصر، تلبي الحاجات الأمنية الإسرائيلية، وتمنع تهريب السلاح إلى المنطقة ؛ بينما ينطوي الشرط الثالث على قيام نظام جديد في غزة ، بحيث يتعيّن على المدارس تعليم الأولاد تقديس الحياة، وليس الموت، ويجب على الأئمة في المساجد التوقف عن الوعظ بقتل اليهود، ويجب تغيير المجتمع المدني الفلسطيني، بحيث يصبح مؤيداً لمحاربة الإرهاب، بدلاً من دعمه، وهذا يتطلب زعامة فلسطينية شجاعة.
لكن وراء اصرار نتنياهو اجتياح رفح والوصول إلى أبعد نقطة في قطاع غزة رغم الرفض الدولي ، مجموعة من الأهداف يأتي بمقدمتها ايقاع المزيد من الضحايا في صفوف الفلسطينيين ، اما ثاني أهدافه فيتمثل في التهجير القسري للفلسطينيين، وثالثها فإن نتنياهو يريد من وراء هذه العملية العسكرية المحافظة على حكومته وائتلافه الحاكم الهش، وبالتالي كلما أوغل في قتل الفلسطينيين كان هناك امتداد للحرب كلما كان محافظًا على هذا الائتلاف ومتماسكًا.
و المحافظة على مستقبله السياسي يعتبر هدف شخصي لنتنياهو بأن يبقى لأكبر فترة ممكنة في كرسي الحكم في إسرائيل وفي المشهد السياسي وبالتالي يريد إطالة أمد الحرب ، بالإضافة إلى الضغط على امريكا وأن ينجح في مناورتها في مواجهة مطالباتها الدائمة بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية وتجنب استهداف المدنيين في قطاع غزة، من أجل تقديم المزيد من المساعدات له وتقديم المزيد من الدعم السياسي الدولي للعملية العسكرية في قطاع غزة.
كما أن ذلك مرتبط في الداخل الإسرائيلي ، فيما يتصل بتحقيق أهداف العدوان على القطاع والمتمثلة (باجتثاث المقاومة) وأيضًا تحرير الأسرى تحت الضغط العسكري، وأنه هو من يقرر وقف الحرب بالوقت الذي يراه مناسبًا، بمعنى أنه هو الذي يحدد قواعد اللعبة "والاشتباك".