على العكس تماما، فأن إصرار الملك على اجراء الانتخابات النيابية في ظل هذه الظروف الحاسمة يعني أنه يريد توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار وفي مواجهة التحديات.
الأردن دولة تسعى لاستكمال بناء المؤسسية وتدعيمها واستحقاقات التحديث السياسي والاقتصادي تمضي قدما بلا تأخير، كثير من المحللين راهنوا على تأجيل الانتخابات بزعم أن الظروف لا تسمح ونحن ننظر إلى الانتخابات باعتبارها تعزيزا لقوة ومنعة البلاد.
موضوع الإنتخابات محسوم، فالأردن ينتخب، ولا يعني ذلك أنه يضع ظروف المنطقة والإقليم جانبا بالعكس فعندما تأتي الانتخابات في ظل ذات الظروف، فهذا يعني إدراك القيادة بأن هذه الظروف الخطرة والحساسة تستدعي وجود برلمان قوي بأوسع قاعدة من التمثيل السياسي، وكنا في هذا العمود أدرجنا موضوع الانتخابات من ضمن قائمة تحديات قادمة يواجهها الأردن.
يذهب الأردن الى الديمقراطية، بغض الطرف عن آراء إتجاهات ترى في هذه الإنتخابات نوعا من الترف السياسي ولكل أسبابه الخاصة.
شخصيات وازنة غابت عن المشهد الانتخابي في مراحله السابقة وتركت الساحة لرجال أعمال وشخصيات عشائرية وللإتجاه الإسلامي, لكن ما نأمله هو أن تعود هذه الشخصيات السياسية لترسم لوحة مفترضة للمجلس القادم، مجلس سياسي بامتياز.
الانتخابات على مدى أكثر من دورة سابقة أتت بعدد لا بأس به من رجال الأعمال والمقاولين والصناعيين والتجار والحرفيين، بينما كان السياسيون قلة وقد آن الأوان لتغيير هذه التركيبة.
لطالما اعتقدنا أن الأجدر أن تتجه اللوبيات الاقتصادية أو مجموعة من الممولين تمثل مصالح قطاع معين إلى اختيار مرشحين سياسيين لدعم فوزهم بمقعد نيابي، على أن يحملوا قضاياهم ويمثلوا مصالحهم خصوصا عند مناقشة قوانين اقتصادية ذات تأثير مباشر على قطاعاتهم، أما دخول هذا العدد من رجال الأعمال والمقاولين معترك الانتخابات في إحلال لدور السياسيين فهي ظاهرة لا تحمل تفسيرا إلا إن رأى هؤلاء أن يحملوا قضايا قطاعاتهم بأنفسهم، وأنصار هذا الطرح لا يرون في خوض هذه الشريحة للانتخابات تناقضا مع خوض شرائح أخرى مثل الوجهاء والمخاتير?والمتقاعدين وغيرهم.
للوهلة الأولى لا يبدو أن رغبة الإقتصاديين في حمل قضاياهم بأنفسهم مقنعة خصوصا أن تزاحم في دائرة واحدة مثلا عدد كبير من الاقتصاديين أو المقاولين أو التجار والصناعيين المنافسة، ما يلغي ما سبق من مبررات تدفعهم لخوض الانتخابات كما أن الشعارات التي أمكن ملاحظتها في انتخابات سابقة لذات المرشحين ممن سيعيدون الكرة من أصحاب الاتجاهات الاقتصادية لا تضع الهموم الاقتصادية في المقام الأول، بل جاءت مغرقة في التعميم والغريب أنها تخاطب في بعضها مصالح المستهلك!.
الانتخابات المقبلة فرصة لإنجاب مجلس نيابي سياسي وهو دور الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني وأولا وأخيرا الناخب.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي