المـــــالُ إذ يتكــــــلّم!
د. صلاح جرّار
07-04-2011 04:55 AM
لدى القذّافي وأسرته أموالٌ طائلة، ولهم أرصدةٌ مليونيّة وملياريّة في معظم دول الغرب. ولدى دول حلف الناتو التي تقوم بتنفيذ قرار الأمم المتحدة المتصل بليبيا القدرة على إنهاء النزاع هناك خلال ساعات معدودة، ولها القدرةُ أيضاً على إطالة أمده إلى ما شاء الله من الأسابيع والشهور وربّما السنوات، وهي تستطيع أن تعجّل فرحة المعارضين للقذافي أو تؤخّرها طويلاً.
القذّافي، وهو يرى الخناق يضيق حول عنقه ويرى نهاية حكمه تقترب يوماً بعد يوم، يعرف كما يعرف أعضاء حلف الناتو أن لا قيمة للمليارات التي يملكها ما لم يستخدمها في هذه اللحظات الحرجة، للدفاع عن حكمه وعن نفسه، فهو على أتمّ الاستعداد لبذل تلك الأموال لقاء الحفاظ على نفسه وعلى كرسيّ الحكم، ولا بدّ له أن يقدّم عروضه بهذا الخصوص لدول حلف الناتو بين الحين و الآخر، وهم ينتظرون منه ذلك، ولذلك نجدهم يوجّهون إليه الضربات التي تترك لديه رمقاً –ثمّ ينتظرون ردود فعله الماليّة، ولعلهم يواصلون هذه الخطّة حتّى يستنفدوا كلّ ما لديه من أموال وأرصدة.
أمّا المعارضون للقذّافي، فإنّ دول حلف الناتو تدرك حاجتهم الماسّة للمساعدة والإسراع في تدمير قدرات القذّافي العسكريّة، ويكفي أن تلوّح لهم بخطر التقسيم أو خطر استمرار القذّافي في الحكم لتجعلهم يمدّون أيديهم للحلف طلباً للمساعدة، وتدرك أنّ شعارهم «بالمال ولا بالعيال» وأنّهم على استعداد لدفع تكاليف هذه الحملة مهما بلغت، إذ ليس أمامهم خيارٌ آخر غير خيار إنهاء حكم القذّافي. وبما أنّ هؤلاء المعارضين لا يملكون ما يدفعونه لدول حلف الناتو نقداً، فإنّهم سيرضون بأن يدفعوه من نفط بلادهم مستقبلاً وعلى صورة تسهيلات للدول التي ساهمت في هذه الحملة العسكرية.
ولذلك فإنّ دول حلف الأطلسي ليست في عجلة من أمرها ما دام ثمّة مالٌ وأرصدةٌ في أيدي القذّافي وأبنائه، وما دامت ثمّة فرصةٌ لضمان الحصول على النفط الليبي مجاناً على مدى سنوات قادمة!
وفي نهاية الأمر سيزول حكم القذّافي وأبنائه، وسيُراق دمٌ ليبيٌّ كثير، وتصادر دول الأطلسي أموال القذّافي وأرصدته، وتحمّل النظام القادم في ليبيا ديوناً كثيرة للغرب نأمل أن لا تجعل من ليبيا رهينةً لهذه الديون. ولذلك فلو كان عند القذّافي أو عند من يحيطون به ويدافعون عنه بعض الحكمة أو البصيرة، لأوقفوا هذا النزيف للدماء والأموال والأرصدة والنفط والمقدّرات والحلم بالتقدّم والنهضة والمستقبل الزاهر، ولاختاروا السِلم وانحازوا إلى خيار الشعب الليبيّ بالحرية والأمن والاستقرار.
salahjarrar@hotmail.com.
(الرأي)