ما شاهدته اليوم في مدينتي ، مدينة مأدبا ، أثناء زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ، وجلالة الملكة رانيا العبدالله ، يؤكد أن الشارع الأردني يلتف دوما حول قيادته ، يعي جيّدا مفاتيح الأمان ، يقدّر الظروف والعقبات ، ويدرك أن البوصلة أحيانا تهتز لكنّها سرعان ما تتعدّل نحو الوطن.
كان استقبال جلالتهما دافئا ، على أصوات قرع أجراس الكنائس ، جاب الموكب شوارع مأدبا ، يمشي بهدوء بين جموع شعبه يصافح الكبار قبل الصغار ، يدٌ على المِقود واخرى تُحيّي الناس، يقرأ حبّ الشعب في عيونهم ، الأردنيّات يحملن الورد ، ومن أفواههن تتدافع الزغاريد ، أمّا الرجال والشباب ، من أمام الخيام العشائرية يحيّون قائدهم ومليكم ، الجِمال ذُبحت مع مرور "المعزّب" والأعلام رفرفت تحية للزائر الغالي.
لم يكن اختيار منطقة "جبل نيبو" نابعا من فراغ ، بل تأكيدا على أهميتها الدينية و التاريخية ، فهي مهبط أفئدة مليارات من البشر ، ونقطة هامّة على طريق الحج المسيحي ، وجاذب لزيارات عدة باباوات كان حجّ نيبو لهم نقطة أساسية في رحلاتهم.
الشارع الأردني يؤكد يوما بعد يوم ، أنّه يؤتمر بأمر مليكه ، وأن الصراعات والمتاهات السياسيّة لا تمرّ عليه ، لذلك يميّز أبناء الأردن الصالح من الطالح ، من يسعى لرفعتها ومن يسعى لخرابها ، من يركب موجة نصرة المظلوم ، من يتاجر بالدين ، ومن يعمل من أجل الوطن، لذلك سيبقى هذا الوطن حضنا لكل شخص ، دافئا على المُحب حارقا لمن يعبث بأمنه ، وسندا لكل المظلومين وخاصة فلسطين الحبيبة وعروسها غزّة الجريحة.
دام هذا الوطن حصينا منيعا ، ودامت قيادته الحكيمة.