يعد الركن الثالث من أركان الإسلام، ألا وهو الزكاة، أكثر من مجرد توزيع المال على الفقراء والمحتاجين، وتشكل جزءًا أساسيًا من النظام الاجتماعي والاقتصادي في الإسلام، فضلًا عن أنها تدعم الخير وتُشجع عليه، مما يسهم بالتالي بالقضاء على آفة الفقر أو على الأقل التقليل من سلبياتها التي تضرب المُجتمع في مقتل.
لا شك بأن هذا الموضوع قديم جديد، لا بل تحدث عنه الكثيرون، أكانوا رجالات دين أم مُختصين بالاقتصاد والمال أم كُتابا وصحفيين، لكن الأمر الذي جعلني أُثيره تارة أُخرى، هو تلك المعلومات التي تم الحصول عليها والتي تؤكد أن هُناك 930 مليونيرا في الأردن، يمتلكون 20 مليار دينار، بالإضافة إلى أن قيمة الودائع في البنوك الأردنية تصل إلى 40 مليار دينار.
وبحسبة بسيطة للمبلغ المُترتب على تلك الأموال، فإنه يصل إلى ألف مليون دينار سنويًا، على أساس أن قيمة الودائع تبلغ 40 مليار دينار.. وذلك على حسبة الشريعة الإسلامية، إذ تُحدد الزكاة بنسبة 2.5 بالمائة من المُدخرات، التي يملكها المُسلم، شريطة أن تكون مرّ عليها عام كامل، بعد استقطاع الديون والالتزامات الأساسية.
ولأننا كعرب ومُسلمين من أصحاب الوسطية، فلنفترض بأن قيمة المبالغ المودعة في البنوك، 30 مليار دينار، فإن ذلك يعني أن الدولة بإمكانها رفد خزينتها بنحو 750 مليون دينار سنويًا جراء الزكاة فقط.
تخيل عزيزي القارئ، كم باستطاعة الدول إنشاء مصانع وشركات زراعية، وتحسين قطاعي التعليم والصحة، جراء استغلال ذلك المبلغ، وحتى على فرض ستقوم بتوزيعه على الفقراء والمُحتاجين، الذين يبلغ تعدادهم حسب الأرقام الحُكومية الرسمية نحو 25 بالمائة من الأردنيين، الأمر الذي يعني أن هُناك ما يقرب 187 ألف فقير ومُحتاج.
هل تعلم عزيزي القارئ، بأنه في حال لجأت الحُكومة إلى الخيار الأسهل، وهو توزيع ذلك المبلغ على الفقراء والمُحتاجين، فإن نصيب كل فرد من هؤلاء يتعدى الأربعة آلاف دينار سنويًا.
لكن، كُل الاقتصاديين وأصحاب الخبرة في مجال المال والمصارف، لا يؤيدون الخطة أو الاقتراح الأخير، فالأفضل أن يتم إنشاء مصانع أو استصلاع أراض زراعية، ومن ثم تشغيل تلك الفئة فيها، وهذا يُحقق أكثر من هدف، أهمها: التقليل من مُعدل البطالة قدر الإمكان، وكذلك القضاء كُليًا على آفة الفقر، التي باتت تنتشر انتشار النار في الهشيم، في مُجتمع كان قُبيل أعوام من الآن، يتغنى بأن نسبة الفقراء لديه قليلة جدًا، إن لم تكن معدومة.
تلك فوائد على صُعد شخصية، أما الفوائد التي ستُجنى لصالح المُجتمع أو الدولة، فتتمثل بتحريك عجلة الاقتصاد فيها، بحيث يستفيد كُل الأطراف منها، وبالتالي رفد خزينة الدولة بمبالغ مالية، تُسهم بتحسين الطرق والمواصلات والتعليم والصحة.. وهذه تُعد مقياسًا لتقدم وتطور وازدهار الدول أجمع.
نقطة أخيرة، يتوجب الإشارة إليها، تتمثل بضرورة أن يتم إعفاء ذلك الذي يدفع الزكاة من نسبة مُعينة من الضريبة.. ما المانع من تفعيل هذه النقطة أو الاقتراح، فحتمًا ستكون سببًا رئيسًا في الإفصاح عما يملك، ويدفع ما يترتب عليه من زكاة، بكُل حب وطيب خاطر، فهو يُحقق هدفين، أولهما إرضاء الله سبحانه وتعالى، وثانيهما المُساهمة قدر الإمكان بالقضاء على الفقر.
الغد