أخذ البعض عليّ أنني ادعيت أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ، التي انطلقت من أميركا قبل سنتين ، وتجاوبت أصداؤها حول العالم ، لم تؤثر على الاقتصاد الأردني. والصحيح أنني لم أقل بعدم تأثر الأردن بتداعيات الأزمة العالمية ، بل زعمت أنها أثرت على الأردن إيجابياً ، عندما خفضت فاتورة البترول المستورد إلى أقل من النصف ، وكذلك أسعار الحبوب والأعلاف وعدد كبير من المواد الأساسية التي يعتمد الأردن فيها على الاستيراد.
هذا لا يعني أن الاقتصاد الأردني كان في أفضل حالاته في مرحلة الأزمة العالمية التي بدأت في خريف 2008 واستمرت لمدة سنتين ، على العكس من ذلك فقد عانى الأردن خلال هذه الفترة من اتساع العجز في الموازنة العامة وارتفاع المديونية بالأرقام المطلقة والنسبية. كل ما هنالك أن هذه السلبيات لم تحدث نتيجة الأزمة العالمية بل نتيجة سياسات اقتصادية ومالية محلية غير موفقة ، وتقع مسؤوليتها على كاهل الحكومات وليس على كاهل الأزمة العالمية.
على العكس من ذلك فإن الانتعاش الذي يحدث الآن في الاقتصاد العالمي ، وخاصة في أميركا وألمانيا والصين ، بدأ يضغط على الاقتصاد الأردني ، فأسعار البترول والقمح والأعلاف والمعادن في ارتفاع نتيجة لانتعاش الطلب العالمي مما يلحق الضرر بموازين الاقتصاد الأردني.
ليس هناك من يدّعي أن الأردن محصّن ضد التطورات العالمية والإقليمية ، على العكس من ذلك فإن الأردن مكشوف لهذه التطورات ، ونحن نتأثر إلى حد بعيد بما يحدث حولنا ، وخاصة في الاقتصاديات الخليجية التي تستوعب فائض قوانا العاملة ، وصادراتنا الزراعية والصناعية ، وترفدنا بالمساعدات المالية والاستثمارات الخاصة ، فضلاً عن السياحة لأغراض العلاج والتعليم وغيرهما.
الأردن بلد صغير منفتح على السوق العالمية ، ولا تستطيع حكومته التأثير على مجريات الأمور العالمية والإقليمية ، فهي تتعامل معها كمعطى ، ولكن الأردن بلد مستقل ذو سيادة ، وحكوماته هي التي ترسم وتطبق سياساته الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وإذا فشلت هذه السياسات أو تعثرت ، في هذا المجال أو ذاك ، فلا يجوز أن نلوم العالم بل أنفسنا.
(الرأي)