منذ عدة أيام وأنا أنهل من مخطوطة الكتاب الموسوعي الماثل للطبع: الصراع على فلسطين - مأزق الجغرافيا ولعبة الصفر. الذي وضعه الباحث الأردني ذو المنهج العلمي النقدي الاستقصائي الصديق الدكتور سليمان علي البدور.
تناول الكاتب أثر غياب التنظيمات الحزبية في المجتمع الفلسطيني في مراحل المواجهة الأولى مع الصهيونية. وتناول المواجهات السياسية والمسلحة في ظل الانتداب البريطاني. وتناول موضع شرق الأردن في المعادلة الصهيونية. ودور الهاشميين المبكر في التأسيس لمقاومة مسلحة فلسطينية، حينما شكل الأمير فيصل بن الحسين، تنظيم مقاومة مسلحة سرياً، في مطلع العشرينات هو «الفيلق الفلسطيني» بهدف «تحرير فلسطين عسكرياً من سيطرة اليهود والبريطانيين».
وأظن ان هذا الفيلق هو تنظيم المقاومة المسلحة الفلسطينية العربية الأول في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، المتزامن مع تنظيم المقاومة المسلحة الأردنية، للأطماع اليهودية الصهيونية الذي أسسه مشايخ شمال الأردن الأحرار في مؤتمر قم المجيد بزعامة الشيخ ناجي باشا العزام وبقيادة الشيخ كايد المفلح العبيدات عام 1920 !!
وتحدث الكاتب عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. والحروب العربية الإسرائيلية الأولى، ومشاركة الأردن الاضطرارية في حرب 1967، وقدم الدكتور البدور قراءة ختامية لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي.
وكان الدكتور سليمان علي البدور قدم لنا كتاب «حقائق التاريخ العربي - قراءة جديدة للوقائع والمفاهيم»، عام 2020، الذي أبان عن عالِم مؤرخٍ متفانٍ حريص على الحقائق بلا تزيين أو تزييف.
كان الكتاب جهدا تتبعياً متشعباً، استغرق أربعة أعوام، واقتضى مراجعة اكثر من 200 مرجع عربي وأجنبي وأجنبي مترجم، من أجل ان يقدم لنا حقائق التاريخ العربي في قراءة جديدة، تشمل الوقائع والمفاهيم في 800 صفحة مبسوطة على أحد عشر فصلاً.
كان القرآن الكريم في مقدمة المراجع والمصادر التي اعتمدها الدكتور البدور. واعتمد صحيحي البخاري ومسلم، وابن إسحق بخصوص السيرة النبوية. والطبري «الذي عليه إجماع بأنه أعظم مؤرخينا».
ووثق البدور بالبلاذري صاحب «فتوح البلدان» أعظم المصادر التي عالجت قضايا الفتوحات العربية الاسلامية.
أمسكني بقوة، كتاب الدكتور سليمان علي البدور الأول، كما يمسكني الآن مخطوطه الرصين الثمين.
الدستور