قائد البلاد في مدينة الفسيفساء
فيصل سلايطة
21-04-2024 10:26 PM
تتشرّف غدا مدينة مادبا ، بزيارة ملكية هي الثانية في غضون ستة أشهر إلى المحافظة ، لكن ما يميّز هذه الزيارة بالتحديد كونها تأتي بمناسبة اليوبيل الفضّي لتولّي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية و قيادة وطننا الغالي الأردن ، تتسم هذه الزيارة بالطابع الشعبي التشاركي ، فالشوارع كل الشوارع زُيّنت لأجل المعزّب الكبير ، و يتسابق جمهور المواطنين منذ عدة أيام للتعبير بشتى الطرق عن ترحيبهم بجلالة الملك.
شخصيا ، تلّقيّت دعوة لمقابلة جلالة الملك و سمو ولي العهد في الزيارة الأخيرة لمدينتي مادبا ، كان اللقاء منظّما ، مرتّبا ، كل شيء يسير باحترام ، لم تغب الابتسامة عن وجه جلالة الملك ، كان ينصت بتمعّن ، و لم ينزل قلم ولي العهد عن الورق في تدوين دائما لملاحظات الحضور ، أما الزيارة الثانية للديوان الملكي العامر فكان بذات نسق التنظيم ، بكرم هاشمي و حسن ضيافة و ترحيب .
لا أكتب هذه الكلمات تملّقا ، أو لغاية في نفس يعقوب ، بل أريد أن أنصف ملكا سار بوطن في طريق من نار ، و لم يمسس النار هذا الوطن يوما ، من حولنا شعوب تَعِبة ، شعوب تتمنّى أرضا ذات سيادة تأويها ، الأردن وطني نعم يتعب ، يمرّ بأزمات اقتصادية ، يهتز اثر حدث ما ، لكنّه سرعان ما يعود كقطارٍ جامحٍ على سكّته ، لذلك من واجب كلّ أردني و كل أردنية أن ينظروا لهذا الوطن بعين الحُب و الحماية ، و لمن سعوا لاستقراره بعين الفخر.
الانتقاد جزء من هذه الحياة ، و يكاد أحيانا أن يكون الجزء الأفضل ، نعم ننتقد ، و نناقش ، نقول هذا خطأ و هذا صواب ، لكن لا نخرّب وطننا بأيدينا، لا نقلب طاولة رأسا على عقب من أجل عود ثقاب ، لأنّنا يجب أن نعي أنّ لا حضن سيحنو علينا كحضن الوطن.
بالرجوع إلى مدينتي الأم ، مادبا ، هي سلّة من الغرائب ، فتجد بها الوديان و السهول ، الآثار العتيقة الضاربة بالقدم ،و التمدّن و العصرية المواكب لكل الاجيال ، بها حبّ أخوي و عقد جيرة لا نهائي لمسلم و مسيحي امتزج عرقهما في عمار الأرض و البنيان، لعقود من المحبة المتبادلة ، لشعب استمدّ من الفسيفساء و تنوّع حجارتها نهج حياة .
تحتاج مادبا مثلها كباقي المحافظات لدعم كبير ، لتجديد و تطوير كبير للبنية التحتية، لتطوير القطاع الصحي نظرا للنمو السكاني المتسارع ، لتطوير مدارس لتخرّج جيلا يعمل لرفعة هذه الأرض ، لاستثمارات أكبر و تسهيلات أوسع .
فأهلا و سهلا بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لمادبا ، على أمل أن تتجدّد دوما الزيارات ، التي بها منفعة المدينة و أهلها .