لفتني خبر غريب لتجمع شباب لبنانيّ أمام السفارة الأردنية في لبنان في منطقة بعبدا ، للتعبير عن غضبهم من اسقاط الأردن للمسيّرات الايرانية التي اخترقت مجاله و سماءهُ مؤخرا.
ذهبت فورا لمحرّك البحث "جوجل" و كتبت حرفيا (لبنانيون يتظاهرون أمام السفارة الايرانية في بيروت) و لم أجد سوى خبرا قديما عمره أكثر من عشر سنوات ، عندها ادركت أن بيروت تعافت منذ العام ٢٠١٣ من تبعية طهران ، و لا حاجة لشعبها للتظاهر، أي أن آخر مرّة تظاهر فيها اللبنانيون أمام سفارة ايران كما سجّل جوجل كانت منذ عشر سنوات ، و لم يصب عاصمة الجمال "بيروت" أيّ أذية منذ ذلك الحين.
بيروت التي لطالما اسهبت في الكتابة حبّا بها ، تتدهور كل يوم بوتيرة متسارعة ، فأين لبنان سويسرا الشرق اليوم؟
و لمن يجهل سبب وصفها هذا ، فلأنّ بلد الأرز كانت تضاهي سويسرا بأمانها البنكي و قطاعها المصرفي عالي الجودة ، فكان الناس يتفاخرون بحساب بنكي لبناني ، و " ابو زيد خاله" من يسافر إلى لبنان و يتجوّل في شارع الحمرا و يحتسي فنجان قهوة على الروشة...
لبنان اليوم عند هذه الفئة التي لا تعرف معنى السيادة ، هذه الفئة التي أتمنى أن تكون صغيرة و التي ترجم الأردن منذ حمايته المشروعه اخلاقيّا و قانونيّا و دوليّا ، لا تعي معنى أن يكون للوطن جدران ، يظنّون أن الجغرافيا قد تحرج الأردن فقط لأنّ من شرقها سرطان اسمه اسرائيل ، عليها أن ترتهن للاحراج هذا!
و السؤال هنا ، لماذا لم تخاطب هذه الفئة طهران لتسيير المسيّرات من طهران لدمشق لبيروت ، أليست هذه ولايات نظام الملالي؟ لماذا لم تطر تلك الاسلحة البدائية عبر هذه العواصم الثلاث؟ أم أن ايران تريد تقليب الشوارع العربية أو الاردنية ضد الداخل الأردني الرسمي و ذلك لزعزعة الاستقرار و رفد الاردنيين بمسلحين كما أدعت بعض القوى في بغداد؟
و بالعودة إلى محرّك البحث جوجل ، كتبت ايضا نصًّا ، الاردن تساعد لبنان ، فانهالت الاخبار عن طائرات اغاثية أردنية قبل كارثة تفجير مرفأ بيروت و بعدها ، و بالتأكيد بين الاخوة لا يوجد "جمايل " لكن ما أكتبه اليوم هو رسالة لتلك الفئة التي تشيطن الأردن أرضا و قيادة و شعبا ، فايران التي تتحكّم بلبنان تفتح لبيروت و ما يحرق بيروت كل مخازن اسلحتها ، فكم تمنّيت أن أقرأ خبرا لشارع عبّدته طهران ، أو مدرسة انشأتها أو مستشفى ، لا مصلحة لها بها سوى خير اللبنانيين ، على عكس الأردن التي لطالما كانت العون لبيروت في حرائق أو كوارث أو أزمات، و احترمت على مدار عقود سيادته و قراراته.
"على بساط احمدي" طهران منزعجة من عمّان ، و ترى بها عقبة كبيرة أمام مشروعها (بلاد الشام/ايران) فعمان هي العاصمة الوحيدة التي لم يمسسها النفوذ الايرانيّ ، و هذا بالنسبة لطهران حلم قديم جديد ، فمن جهة تريد ضم الأردن لخنق الرياض ، و من جهة تريد توسعا لنفوذها أمام تل أبيب ، ليس تحريرا لفلسطين ، فمن يريد افتعال حرب ، لا ينبّه العدو ، لذلك هذه الفئة التي تتظاهر تريد و تحلم بضاحية جنوبية في الأردن ، كجرحٍ في خدّ عروس ، يريدون واحدة في عمان ، لا للتحرير بل للتدمير ، فهؤلاء لم يدرسوا تاريخ الأردن ، لا يعلمون أن الأردن يصبر و لكن ما أن يستشعر الخطر حتى يحرق الغالي و النفيس لأجل أرضه...و احراشه!
فيا تلك الفئة ، اذهبوا و تظاهروا أمام من دمّر وطنكم ، و فكروا بعقلانية ، ما هو القاسم المشترك بين " دمشق و بغداد و صنعاء و بيروت ؟" اليس هو الخراب الذي لم يحلّ إلّا مع بلاد فارس!