الجمعة" والفيسبوك .. والجزيرة: تأملات من وحي ربيع الثورات !!
الدكتور احمد القطامين
05-04-2011 03:34 PM
يتم عادة حجب الثانية ومحاولة منع الثالثة من العمل بينما يتعذر دائما التعامل مع الاولى.
في الماضي كانت الثورات تتطلب سنوات طويلة او عقود من العمل السري والعلني وكمية هائلة من الدماء والتضحيات الجسام لانجازها.. الا ان ذلك اصبح اليوم جزء من الماضي السحيق..
فقد تم انجاز الثورات في تونس ومصر في اسابيع لا تزيد على اربعة و باقل الخسائر.. وفوجئ العالم بصلابة الشعبين العربيين اللذين حكما بالحديد والنار لعقود عديدة من قبل نظامين سياسيين اعتمدما القبضة البوليسية الصارمة والفساد الواسع النطاق واهدار الكرامة الفردية والوطنية كاساليب فعالة لضمان الخنوع وافراغ ارادة الشعبين من اي مضمون انساني ووطني ما يضمن للنظام البقاء والاستمرار.
وفي كلتا الحالتين بدأت الثورة بصفحة شبابية على الفيس بوك تدعو الى التجمع يوم "جمعة البدء" وفي كلتا الحالتين حجب الفيسبوك ومنعت الجزيرة الا انه تعذر حجب يوم الجمعة.. وفي كلتا الحالتين التقطت الجزيرة الخبر مستخدمة ماكنتها الاعلامية الهائلة وشعبية اسطورية لم يألفها العالم من قبل لوسيلة اعلامية لمد الثورة بزاد الحياة.. فكلما تتعرض الجزيرة لاجراء ضدها تزداد الشعوب الثائرة احتضانا لها.. فبينما يغادر مراسلوها بعد ابعادهم تتدفق عليها الاخبار والتفاصيل ومقاطع الفيديو من كل حدب وصوب.
ففي ليبيا مثلا رفع الثوار صورة كاريكاتيرية تمثل شعار الجزيرة المعروف وقد زود احد اطرافه برأس افعى تتدلى الى اسفل بوضع هجومي بينما رسمت صورة للقذافي وهو يحدق برأس الافعى من اسفل وقد تملكه الرعب.
وفي مصر منعت الجزيرة من العمل واغلقت مكاتبها وتم ترحيل مراسليها، الا انها تمكنت من مواصلة العمل وكانت المصدر الاعلامي الاكثر مشاهدة وهي تنقل فعاليات الثوار لكل الجمع (جمعة البدء، ، جمعة الصمود، جمعة الرحيل).. الى ان رحل النظام وانتصرت ارادة الشعب، ويحدث الآن شيئ مشابه لذلك في ليبيا واليمن، وغيرهما.
فبينما اخذت الشعوب العربية تستفيق من ارتدادات الزلزال وتعبر عن فرحة غامرة بالحدث الذي لم يكن متوقعا وتستعيد توازنها القومي كانت الشعوب والامم الاخرى على الكوكب تتغنى بالثورات.. ففي الغرب تغزل المعلقون وكتاب الاعمدة في الصحف العالمية ذات التأثير الواسع بما سمي "ربيع الثورات في الشرق الاوسط" وهلل العالم باسرة بسقوط الانظمة الدكتاتورية نظاما بعد آخر.. وتغيرت صورة الانسان العربي بين ليلة وضحاها من انسان ذليل خانع الى انسان حر يشار له بالبنان.
والان المشهد ذاته يتكرر في كل مكان.. والهدف لهذا التكرار الممل غير مفهوم لا من وجهة النظر المنطقية ولا من وجهة النظر الواقعية.. لكنها انظمة لا تفهم وان فهمت فانها تفهم متأخرة.. حيث تمسي الاحداث وقد تجاوزت نقطة العودة.
فالثورة عندما تبدأ بنسج البدايات تأخذ بامتلاك قوانينها الخاصة بها .. قوانين ذاتية ليس للقوانين الموضوعية علاقة فعلية مؤثرة فيها..
فالثورة في غياب الاصلاح تصبح قدر محتوم.
qatamin8@hotmail.com