كان المصريون في زمن السادات أول من هتف في الشوارع ( بالروح بالدم نفديك يا سادات ) ثم هتفوا لحسني مبارك ( بالروح بالدم نفديك يا مبارك ) وسقط مبارك إلا أن أحدا لم يتقدم مضحيا بروحه أو بقطرة من دمه فداء لمبارك .

هتفوا الهتاف ذاته لزين العابدين بن علي أيام قوته وعزه وهتفوا وماجت الشوارع لسنوات ( بالروح بالدم نفديك يا معمر ) وهاهم اليوم في اليمن وسوريا يهتفون بالروح بالدم .

لم يشهد العرب حتى الان مواطنا واحدا مستعدا لفداء رئيس بلده بروحه ودمه ولكنه يشهد حكاما تطلق قواتهم النار وتسفك دم الشعب فداء للرئيس والنظام , ويشهد الواقع أن الشعوب ما أن تمتلك الجرأة حتى تهتف ضد الحكام الظالمين وتطالب بدمهم فداء لجرائمهم بحق الشعوب وتطالب بدم أدوات القمع وسفك الدماء التي التفت حول الجلادين .

هل رأيتم مواطنا واحدا حاول أحراق نفسه في الشارع أحتجاجا على المطالبة برحيل مبارك أو بن علي أو القذافي أو علي عبد الله صالح أو غيرهم من القادة ؟؟ هل رأيتم مواطنا عربيا واحدا من المحيط الى الخليج على أستعداد للتضحية بأحد أبنائه من أجل عيون الزعيم ؟؟ بل انكم لن تجدوا عربيا واحدا على أستعداد للتنازل عن كل ما يملك من مال وعقار من أجل الرئيس , ومع ذلك تسير المسيرات وتهتف الحناجر ( بالروح بالدم نفديك ... ) ولو حضر سيادته وناول أحدهم مسدسا وطلب اليه أن يطلق النار على نفسه فداء لسيادته لما فعل !! .

ولكن المضحك المبكي أن الحكام يصدقون أن الشعوب تفتديهم بالارواح , فيحكمون وكأنهم آلهة مخلدون يأمرون فيطاعون , فتعمى بصائرهم عن حقائق التاريخ فلا يفكر أي منهم بالرجوع اليه والتفكر في سير القادة والحكام وكم منهم خلده التاريخ لحسن صنيعه وعدله وتواضعه وحزمه في الحق وكم منهم ظلم وتجبر وأطلق العنان للنهابين والفاسدين والفجرة يأكلون أموال الرعية ويستبيحون أعراض الناس ويقتلون الاحرار , وما أن جاءت اللحظة التاريخية إما بالثورة أو الموت حتى بصق الناس على تاريخهم وسيرتهم والقوا بها الى أسفل سافلين .

سمعنا ملك ملوك أفريقيا معمر القذافي يصرخ من شرفة قلعته مهددا أن معه الملايين وأن المسيرات ستجوب العالم تضامنا معه , ولم نر من ذلك أثرا , وانما أنطلقت مسيرات مئات الالاف في أندونيسيا تهتف بسقوطه ورأينا المسيرات والاعتصامات في عشرات الدول تطالب باسقاطه ومحاكمته , ولم نعثر على شخص واحد مستعد للتضحية بالروح أو بنقطة دم من أجل ملك الملوك .

أيها الحكام العرب أفيقوا من سباتكم ولا تصدقوا ( الهتيفة ) ( بالروح بالدم نقديك أيها الرئيس ) فلا شيء يفتدي به المرء نفسه الا العمل الصالح والعدل في الرعية وتقوى الله في أموال الشعوب .