نظرية الاحتواء الإقليمي قيد التنفيذ!
د. حازم قشوع
17-04-2024 12:12 PM
ما زال قرار إشعال المنطقة لم يتخذ بعد وإبقاء المنطقة قيد الأشغال هو النهج المتبع، هذا ما تتفق عليه مرجعيات بين القرار في واشنطن وموسكو الذي جاء بين مدراء المخابرات الأمريكية والروسية وهو أيضا مع ما يتماشى مع الحالة الإقليمية السائدة فلا ايران تريد الدخول بحرب إقليمية ولا إسرائيل ترغب بالدخول لاعتبارات عسكرية واقتصادية ولدواعي جيوسياسية منهجية لأن كلا الطرفين لهم مصلحة في إبقاء المنطقة قيد الأشغال لتعزيز حالة الاستقطاب الجيوسياسية في الحاضنة العربية.
سيما وأن إيران لن تغامر بما وصلت إليه من مساحة نفوذ في المنطقة لم تصل إليها منذ الدولة الصفوية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهو ما يجعلها تبحث عن محتوى تمكين وليس عن حالة تسخين بما يجعلها قادرة على التحكم بعمق حاضنة نفوذها لتصبح حاضرة تحت السيطرة الفارسية وهذا يتطلب منها تثبيت أنظمة التحكم والسيطرة في حدود نفوذها بعد فرض مرجعيات للحكم والاحتكام من محتواها الأيدلوجي المذهبي وهو المعطى الذي جعلها بحاجة للمجتمع الدولي لتثبيت نفوذها وفرض سيطرتها على هذا المجال الحيوي الكبير الذي بسطت نفوذها عليه وهو الغني بالثروات الطبيعية والموارد البشرية هذا إضافة لسيطرتها على أهم المنافذ البحرية للتجارة الدولية التي يمثلها مضيق هرمز ومضيق باب المندب.
وهو ما يجعلها تشكل قوة إقليمية كبيرة تريد بيان شرعية العامل الذاتي لها الذى تقف عليه حاضرة نفوذها إلى مشروعية قبول أممي يجعلها قادرة على تمكين نفوذها في إطار المحتوى الموضوعي الذي تسعى لبلورته وهو ما يعد مقبول كونه يندرج في المحصلة مع محتوى نظرية الاحتواء الإقليمي الذي تسعى الإدارة الامريكية لتجسيدها في مسألة تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة ومجتمعاتها بعدما أفل نجم النظام العربي الذي لم يعد موجود لا في المحتوى الجوهري ولا في البيان العام وبات غير قادر للقيام بالدور الجيوسياسي في المنطقة بعدما فقد دوره الوظيفي ومكانته السياسية في الحماية وهذا ما يجب أن يعتبر محط تعليل عند عواصم التأثير في بيت القرار العربي كونه عنوان بيت قصيد المتغير الحاصل.
أما في الاتجاه المقابل فان إسرائيل لا مصلحة لها ايضا بالدخول مع إيران بمعركة شاملة لكنها تريد أن تبقى حالة الأشغال قائمة لحيثيات استقطابية في الحاضنة العربية تهدف لتشكيل ناتو عربي إسرائيلي يحقق لإسرائيل شرعية القبول بالمنطقة ويضمن لها توسيع جغرافيتها السياسية على حدود فلسطين التاريخية هذا إضافة لتوسيع نفوذها السياسي من على عقدة أمنية تجعلها قوة جيوسياسية تحمل صفة حاضرة على حساب الحاضنة العربية التي انتهت بانتهاء الوجود السياسي للنظام العربي في المنطقة.
وهو أيضا ما ينسجم بالمحصلة مع ما ذهبت إليه الإدارة الامريكية من تجسيد لمحتوى نظرية المحتوى الإقليمي التي تقوم على تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة بعد الانتهاء من مرحلة تحديد مناطق النفوذ للطرفين الايراني والاسرائيلي في المحتوى الشيعي والسني الأمر الذي لا يجعلها تذهب تجاه خيار إشعال المنطقة بقدر ما تريد البقاء على اشغالها لغايات تستهدف تحقيق درجة الاستقطاب المستهدفة في الحاضنة العربية التي تبحث دولها عن حماية.
وعلى الرغم من سخونة الاجواء الايرانية الاسرائيلية عبر "ضربات الجزاء التصعيدية في الشكل العام و الاستقطابية في المضمون" إلا أن مصلحة الطرفين لا تقتضى التصعيد هذا ما يقوله بيان المعطيات الراهنة وما تم التأكيد عليه في المكالمة الروسية الامريكية لمدراء المخابرات وهو أيضا ما يتفق نهجا مع رؤية الولايات المتحدة لتغيير حدود الجغرافيا السياسية من مدخل تغييري يسقط من باب النفوذ المذهبي في شرق المتوسط ليكون عاملا على تنفيذ نظرية الاحتواء الإقليمي التي كنت بينت محتواها في كتابه الذي حمل عنوان الأوراق الملكية رؤية استراتيجية.