يقول جبران خليل جبران " المحبة لا تعطي الا ذاتها والمحبة لا تأخذ الا من ذاتها .......... الخ " ...في كل مرة التقي فيها الصديق طالب الرفاعي يذهب عقلي في عالم الفلسفة والادب لاستدعاء بعضا مما قاله جبران ففي شخصية طالب الرفاعي تجد كل المعاني الانسانية الجميلة التي حاول جبران ان يصورها في شعره وفلسفته ..
في ملامح طالب واستعداده للاستماع لمن يحدثه لساعات راحة واراحة . وفي الطاقة التي تلف المكان الذي يحل فيه الكثير من السلام والهدوء فهو متحرر من زيف العنجهيات و خال من التوتر والعقد التي يصعب تجاوز آثارها لدى بعض المسؤولين السابقين ومن لا زالوا يظنون انهم اصحاب استحقاق مؤجل التنفيذ....
طالب الرفاعي لا يشبه اولئك ولا هؤلاء فهو شخص فريد ومميز يستمع لمحدثه بعمق ويرمقه بادب ولا يجادل فيما لا يعرف ويقدر متعة الاستكشاف ولا يرى ضيرا في ان يندهش احدنا عندما تتوافر عوامل الاندهاش.
خلافا للكثيرين ممن عاصرهم او على سويته العلمية والعملية لا يحمل طالب في صدره او رأسه ما قد يدفعه الى التمثيل او الادعاء فهو صادق نقي حد البراءة ومخلصا للحقيقة حد التعصب.
في الاوساط العمانية التي لا تترك حيا بحاله يمر الجميع على سير من عملوا في المواقع العامة وتولوا حقائب وزارية وإدارة مؤسسات ولا يتورعون في ذكر ما يخطر ببالهم دون الحاجة الى التدقيق.
بخلاف الكثيرين ممن تندرج سيرهم على جداول الاستغابة تمر سيرة الدكتور طالب الرفاعي بسلاسة ودون جدال فهو موضع احترام وتقدير كل من عرفه ولا يوجد في سيرته المهنية والشخصية غير العمل الجاد والالتزام بمحبة واحترام الناس والتقيد باخلاق الوظيفة العامة والآداب التي يلتزم بها الجميع.
يمتاز الرفاعي بأنه مسكون بعروبته وحبه لابناء الامة فجسده في جبل الحسين وقلبه في المخيمات والاحياء الشعبية .لقد تشرب طالب فكرة الهوية العربية واخلص لها فبقيت هاجسا يغالب حبه للهندسة المعمارية والرسم ..
من دون تفكير او استعراض او رغبة في المناكفة امسك صديقنا بالقضايا العامة فاحتلت تفكيره ووجدانه منذ ان كان طالبا في الجامعات المصرية وحتى عودته الى البلاد بعد رحلة عمل حافلة جال خلالها العالم والتقى رؤساء وقادة غالبية الدول .
تعود علاقتي بطالب الى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي منذ ان كان أستاذا لهندسة العمارة في الاردنية وقد كنت حينها اشعر في كل مرة اراه انه يسبح في محيط من الفرح ويقبل على الحياة والناس بحماسة لا يقوى على وصفها الشعراء .
كان لحضور طالب المناسبات نكهة خاصة ولغيابة وحشة فهالة حضوره ممزوجة بالبساطة وأدبه يأسر الألباب. يعشق الحياة ولا يرى فيها الا كل مبهج وجميل.
الاسهامات التي قدمها الدكتور الرفاعي لمهنته والمواقع التي حل فيها تتحدث عن نفسها ففي مجتمعنا المئات من المبدعين الذين لازالوا يتذكروا ألاثر الذي تركه استاذهم على ادائهم وحرفيتهم...مع نهاية الألفية الثانية دخل طالب سلك العمل الوزاري فعمل وزيرا للسياحة والتخطيط والاعلام قبل ان يلتحق بالمنظمات الدولية ويصبح مديرا اقليميا لمنظمة العمل الدولية وينتقل بعد عدة اعوام ليشغل موقع الأمين العام للسياحة الدولية ويقدم برامج لتطوير مفاهيم وتجربة السياحة على مستوى العالم.
منذ اعوام عاد طالب وشريكة عمره السيدة نسرين الشوا ليستقرا في عمان... وقد تفوق طالب بعزيمته واصراره على كل الملمات الصحية ... كان لحبه للحياة والدعم والا سناد الذي قدمته السيدة نسرين والعائلة الاثر الاكبر الى ترجمة كل شيء الى "شدة وبتزول " نعم لقد كرست ام زهير جل الوقت وكل الجهد لرعاية الرجل الذي اعطى لبلده واسرته والعالم الكثير الكثير .
بالامس وبصحبة ام عبداللطيف توقفنا للسلام على طالب ونسرين وامضينا وقتا مشبعا بالود والراحة والرضا واسعدني ان ارى طالب في اجمل تجلياته ممسكا على الحب للحياة وتقدير قيمتها وجمالها......ادام الله عليك الصحة ايها النبيل وحفظ لك أسرتك واحبتك.