تكاد أن تكون ايران هي الدولة الوحيدة بين دول العالم اجمع ، التي تُنذر عدوّها قبل أن تضربه ، فحتى الفعل الذي تردّ طهران عليه اليوم عبر مسيّراتها ، و هو قصف اسرائيل لسفارتها في دمشق ، كان عملا اسرائيليّا مفاجئا دونما سابق انذار !
"حنّية " ايران جعلت اسرائيل في وضع مريح جدا ، تنتظر بكل برود ردّا ايرانيا "مزلزلا" كما وصفته طهران ، كان بكل بساطة كالفتّاش الذي اعتدنا على اشعاله ايام الطفولة.
طهران تريد من خلال هذه المسرحية لملمة القليل من صورتها التي ضاعت مع بدء اجتياح غزة ، فسنوات طويلة و عقود من الوعيد و التهديد بتدمير اسرائيل إن ضربت غزة تلاشت مع بدء حرب ضارية ضد القطاع راح ضحيتها الالآلف لم تحرّك طهران من أراضيها صاروخا واحدا ، لتثبت بشكل صريح أن فلسطين ليست من أولوياتها ،أمّا عندما ضرب الكيان الاسرائيلي قنصليتها في دمشق، سعت بكل جهدها لهذا الرد الهوليودي ، فهل ستتحرّر فلسطين عبر قطعة من الحديد تحتاج ساعات للوصول لتل أبيب؟
أين تلك القطع العسكرية التي نظّمت لها طهران العروض العسكرية؟ أين الطائرات الحربية و المقاتلات؟
الأردن لم يَغِب عن ردّ ايران ، فطهران التي لا تخطّط إلا بمكر ، أرادت من مسيّراتها أن تمرّ من سماء الأردن دون حساب للسيادة الاردنية ، و عمّان عليها من وجهة نظر موالي ايران أن تصمت و تدع تلك الخردة تمرّ ، فإن دافع الأردن عن سيادته و أراضيه فهذا يعني الخيانة لفلسطين و إن سقطت خردة ايران فوق الاردنيين حتى تخرج فئة تهاجم الجيش و سلاح الجو بذريعة التقصير ، فايران التي قضمت بغداد و بيروت و دمشق كانت تستطيع أن تستغل هذه المنطقة و تضرب اسرائيل من خلالها ، لكنّها فضّلت سماء الأردن لعلمها المسبق بتلك الفئة التي تشيطن كل الاحتمالات المطروحة للتعامل مع الحدث ، فبلاد فارس تريد حشد الجمهور و الساحات و الشوارع ضد الاردن بحجة الدفاع عن الكيان ، و كأن الصواريخ الايرانية مضمونة الصنع .
لماذا لم تطلق اسرابا نحو حزب الله و تنطلق منه لضرب الكيان؟
لماذا بعثت بطائرات بسيطة و فضّلت عبور سماء الاردن وصولا لاسرائيل ، ضاربة بعرض الحائط سيادة الدول و حقها في حفظ أمنها؟
ايران ارادت خلط عدة أوراق بهذا العرض ، ولا نستبعد ردّا أقوى من اسرائيل هذه المرّة ، لكنّ ما فعلته ايران لا يمكن وصفه إلّا بإبرة حياة فارسية لاسرائيل ، فماذا تريد اسرائيل أكثر من ظاهرة أو حدث يوقف مظاهراتها؟ حدث يصرف النظر عن غزة؟
حدث يعيد لها الدعم الغربيّ بسخاء؟
طائرة مسيّرة واحدة من الكيان الصهيوني ، قتلت قتلت سليماني و المهندس و آخرين ، طائرة واحدة قتل محمد رضا زاهدي و خمسة آخرين ، فماذا فعلت مئات الطائرات الايرانية؟ التي نبّهت طهران تل أبيب بها قبل اطلاقها...لا شيء .
ما يُهمّنا نحن كأردنيين ، هو أن نعي أن لهذا البلد سيادة ، أن الأردن لا يُضحّي بأرواح أبناءه فداء لمسرحيات عبثية ، أن سيادة الأردن فوق الجميع ، فوق كل المصالح و الاحداث و النزاعات ، و لمن يريد الأردن مائعا بلا هوية ، فليذهب لتلك الدول التي ضاعت بسبب تهاونها و أصبحت عواصم مرهونة لطهران.