العيد .. إحساس مشروع بالفرحة
فيصل تايه
10-04-2024 01:05 AM
مع النسمات الأولى من صباح اليوم ، يحل علينا عيد الفطر السعيد ، مرحبين بقدوم يوم المودة والصلة والخير والعتق من قيود النفس الشحيحة ، بعد انقضاء فريضة الصيام ، فقد مضت أيام شهر رمضان المبارك على عجل ، قضيناها في التقرب إلى الله ، لنستقبل عيدنا هذا بمظاهر الفرح والبهجة التي ندركها في أعيادنا واعتدنا عليها ، فبمجرد دخول العيد تلهج الألسن بتكبير الله في "بيوت الله" وفي "المنازل" ، وفي "الطرقات والأسواق" ، وفي "مصليات العيد" ، يأتمر المكبرون بأمر الله تعَالَى : ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ فَتِلْكَ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تَسْتَـحِقُّ الشُّكْرَ وَالْحَمْدَ .
هذا اليوم ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، تنطلق مناسبة حيوية مهمة بما تختزله من معاني ومرامي طيبة وجميلة ، حيث نعيش فيها الفرح الكبير ، محاولاً أن يمدّ هذا الفرح من خلال ما يمدّ به المناسبة في الذكرى تارةً ، وفي الممارسة تارة أخرى ، اضافة للمعاني والدلالات الربانية الروحانية التي لا يدركها إلا الأتقياء الذين يلتزمون أوامر الله ويجتنبون نواهيه ويقفون عند حدوده ويعظمون شرائعه وتعاليمه .
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، لا بد من ان نجدد محبتنا لأنفسنا التي ذابت في ملفات الهموم ، وضاعت في ظروف تزداد صعوبة وحياة تزداد تعقيداً ، ومع كل تلك الإفرازات السلبية التي تحاصرنا ، فيأتي العيد لنحاول ان نبتعد فيه عن كل المنغصات في إحساسنا المفعم بالسعادة ، حين تتجلى فيه معاني الأخوة والإنسانية ، ليكون عيدنا هذا ملئ بالفرح ، والمشاعر المخلوطة بالبهحة ومليئة بالغبطة .
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، فقد تعودنا ان نتقرب إلى الله بصلة الأرحام ، ونتعاظم في السباق على التصافح والعناق ، ومدّ الأيدي لبعضنا البعض ، ونسعد بانهاء الأحقاد ونذيب الفوارق بيننا ليظهر الإيثار ، وننهي القطيعة ، ونمنع الأذية ، ونتداول فيه الهدية ، وتصفى النفوس ، وتغسل الادران ، وتلتقي القلوب الرحيمة ، والأفئدة الرقيقة ، لتبدأ مع العيد صفحة جديدة من الألق والرخاء والصفح الجميل الذي تضئ به القلوب ويشع فيه نور الحب والتسامح ، ويتحلق الأحباب والأصدقاء والأهل بود ومحبة ، في إطار عائلي مترابط ومتلاحم ، يمارسون طقوسهم في الزيارات والتواصل بين الأهل وذوي القربى .
مع احساسنا المشروع بفرحة العيد ، دعونا نستشعر بالعيد ، بعيداً عن إحساس التأنيب المستمر ، والجلد الذاتي الذي نمارسه على أنفسنا ، فبالرغم من كل الظروف لكنها لن تثنينا عن التهليل والتكبيرفي صلاة العيد ، ونعود إلى بيوتنا للاحتفال مع أبناءنا ، نزين منازلنا ، ونمد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة ، ونملأ البيت بالفرح والسعادة ، والهدايا التي يفرح بها أبناؤنا ونفرح معهم ، ونزداد قرباً منهم ووثاقة لصِلاتنا معهم .
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، سيبقى العيد هو الفرحة التي تقتحم قلوبنا ، فما هذه الفرحة إلا إحياء سنة وشعيرة من شعائر الله، ومن الواجب علينا أن نعظم هذه الشعيرة ، وسنظل نحتفي بها ، وندعو الله في كل عيد أن تأتي الأعياد القادمة وقد تحققت كل امانينا بنصرة الأمة ، لكن ومع العدوان الوحشي على اهلنا في قطاع غزة ، يبدو أن عيد الفطر هذا العام ، لن يمر على غالبية المسلمين كالأعياد السابقة ، فكيف باستطاعتنا أن نفرح وإخواننا في القطاع المكلوم يمرون بأبشع أنواع الحرب والإبادة .
ومع احساسنا المشروع بالفرحة ، نسأله تعالى أن يحمي المسجد الأقصى قبلتنا الأولى ، وأن ينصر المرابطين فيه ، وسائر الوطن المحتل وان يوحد كلمة المسلمين ، وان يديم الأمن والسلام على الأردن ، وان ينعم بها على كل بلاد العرب والمسلمين ، وأن يعيد للعرب أمرهم ولم شملهم ويؤاخي بينهم وينصرهم على أعدائهم..
فكل عام ونحن إلى الله أقرب ، وكل عام ونحن إلى بعضنا أقرب ، وكل عام وقلوبنا أكثر محبة وتسامحاً وسلاماً وفرحاً لا ينتهي ..