العلاقة العضوية بين أميركا واسرائيل !
أحمد ذيبان
09-04-2024 03:36 PM
يراهن بعض النخب السياسية والثقافية العربية على على ما يقال عن خلافات أميركية اسرائيلية ، وأظن أن هؤلاء يتجاهلون طبيعة العلاقات العضوية بين واشنطن وتل أبيب ، ربما توجد اختلافات تكتيكية بين الطرفين لكن أحدهما لا يستغني عن الآخر ، فوجود اسرائيل مصلحة استراتيجية أميركية !
ومن يراجع تاريخ العلاقات بينهما منذ اقامة الكيان الصهيوني عام 1948 يدرك أن الولايات المتحدة تولت رعاية هذا الكيان ، بعد أن مهدت بريطانيا الطريق لاقامته منذ صدور" وعد بلفور" عام 1917، ثم تسهيل وصول المستوطنين الصهاينة وحتى النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948 !
ولا حاجة للتأكيد على المساعدات الاميركية الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية المتواصلة لاسرائيل ، أما الدعم العسكري فيبدو أكثر وضوحا في المراحل المفصلية الكبرى للصراع العربي الصهيوني ، وبدون الدخول بالتفاصيل لنأخذ حالتين للدلالة على ذلك ،الأولى في حرب اكتوبر – تشرين الأول عام 1973 ، حيث قامت الولايات المتحدة بتسيير جسر جوي لنقل الاسلحة والذخائر لدولة الاحتلال بالاضافة الى الدعم السياسي والدبلوماسي ، من منطلق أن واشنطن مستعدة لوضع ثقلها كدولة عظمى لانقاذ الكيان الصهيوني عندما يتعرض لخطر ، وبسبب الدعم الاميركي تمكنت اسرائيل من استعادة توازنها العسكري ، بعد الضربة الموجعة التي تلقتها على الجبهيتن السورية والمصرية في 6 أكتوبر ، ونتج عن ذلك حدوث خلل عسكري لصالح دولة الاحتلال ، تم تعزيزه لاحقا بجهد سياسي ودبلوماسي أميركي تمثل بصدور قرار مجلس الأمن رقم" 338"، الذي طالب بوقف اطلاق النار على الجبهتين ، ثم قيام وزير الخارجية الاميركي الأسبق هنري كيسنجر بجولات مكوكية لتثبيت وقف اطلاق النار ، وقيادته للمفاوضات الدبلوماسية بين اسرائيل وكل من مصر وسوريا، التي أفضت الى اتفاقيات "فك الاشتباك " وانتهت بمعاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل .
والحالة الثانية تتمثل بالجسر الجوي والبحري الاميركي لنقل الأسلحة لدولة الاحتلال ، بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها "كتائب القسام" في 7 أكتوبر العام الماضي ، حيث فتحت الولايات المتحدة مخازن أسلحتها لتزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة فضلا عن الدعم الاقتصادي ، رغم أن الحرب ليست مع دولة تمتلك جيوش ، بل مع فصيل عسكري صغير يستخدم أسلحة بسيطة لا تقارن مع دولة مدججة بأحدث الأسلة وبتكنولوجيا متقدمة ، وزادت واشنطن على ذلك بدعم سياسي ودبلوماسي للعدوان الذي يستهدف المدنيين العزل ، وكان أبرز محطات الرعاية الاميركية لهذا العدوان، استخدم " الفيتو " لاحباط مشاريع القرارات التي قدمتها بعض الدول لمجلس الأمن وتدعو لوقف اطلاق النار ، رغم أن ضحايا العدوان هم من المدنيين وغالبيتهم أطفال ونساء وكبار السن ، حيث تجاوز عدد الشهداء حتى الان 32 ألفا وما يزيد عن 75 ألف مصاب !
ومن يظن أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الكيان بسبب خلافات تكتيكية فهو واهم ، ذلك أن ادارة بايدن لا تزال تدعم استمرار العدوان العسكري على القطاع ، وهي مع اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح التي أصبحت مستودعا بشريا لا مثيل له، بعد أن دفعت قوات الاحتلال مئات الألاف من الغزيين للنزوح من شمال ووسط القطاع ، وأصبح عدد سكان المدينة أكثر من مليون ونصف مليون نسمة غالبيتهم يعيشون بمخيمات بائسة ، لكن أميركا "تناشد " حكومة نتنياهو ، أن تنقل المدنيين قبل أن تجتاح رفح وتكمل مسلسل الابادة الجماعية !
الواقع أن ثمة "حبل سري" بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ربما لم يتنبه له أحد ، وهو أن الوايات المتحدة الاميركية تشكل تجربة فريدة في العالم وتعتبر أكبر" مستوطنة "في التاريخ ، فجميع سكانها مستوطنين قدموا من مختلف القارات ، وأسست في البداية على أيدي المهاجرين الأوروبيين بعد أن أبادوا السكان الأصليين "الهنود الحمر " ، ويمكن اعتبار دولة الاحتلال نموذج مصغر للولايات المتحدة من حيث التكوين ، حيث قامت على نفس النمط الاستيطاني من خلال تهجير ملايين اليهود الى فلسطين بعد أن تم تهجير أصحاب الأرض الأصليين ، لكن الفرق الوحيد بين "المستوطنيتن" ، أن دولة الاحتلال قامت على أسس دينية ك "دولة يهودية"، لكنها تبقى الطفلة المدللة ل "المستوطنة الأم "!
والخلاصة أن استمرار اسرائيل مرتبط بالدعم والرعاية الاميركية ، واذا انهارت أميركا فستنهار اسرائيل بالضرورة !
Theban100@gmail.com