رسالة الى روح الروح (الشهيدة ريم)
العميد المتقاعد عارف الزبن
08-04-2024 12:16 PM
في مثل هذه الأيام عادة ما يستحضّر ويستذكر الِفكر والكُفر الصهيوني التكفيري المُتطرف، قصيدة كتبت في عام (1904)، للشاعر الوطني (القومي) كما يعتبره اليهود حاييم نحمان بباليك Hayyim Nahman Bialik ، في قصيدة المُسماة " مدينة المذبح " او "مدينة سلاتر The City of Slaughter " ، حيث تعتبر هذه القصيدة هي من اكثر القصائد المؤثرة نفسيا في تحريّك وتَحفيّز ودفع الفِكر المُتطرف للألاف من الشباب اليهود للانضمام للحركة السرية اليهودية لمحاربة قيصر روسيا (آنذاك) . بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى بأسبوع وبتاريخ 13 أكتوبر (2023)، نشرت الجريدة الصهيونية النجمة اليهودية The Jewish Star مقتطفات من تلك القصيدة على صفحتها الأولى، من خلال هذا الرابط: https://www.thejewishstar.com/stories/in-the-city-of-slaughter-1904,22912
لم يكن هذا الامر صُدفة أو مُجرد مقال، بل كانت متعمده ومدروسة، فموقع المقال نُشر تحت عنوان Gaza War حرب غزة، كما ان القصيدة لم تكن لإحياء ذكرى تلك الحادثة، بل كان القصد من نشرها هو لإعادة احياء ونشر الفَِكر المتطرف التكفيري الصهيوني، على الرغم من ان الحادثة وتلك الأحداث لم يكن لا للمسلمين، ولا العرب، ولا أهل فلسطين، ولا أهل غزة، لهم فيها أي جانب لا من بعيد ولا من قريب.
في تلك القصيدة والتي شَكك في صحة تلك المذبحة العديد من الادباء والكتاب العالميين، على أي حال؛ فالحادثة كانت قد وقعت بتاريخ 6 نيسان / ابريل (1903)، خلال فترة عيد الفصح بحسب الكنائس الشرقية، ضد يهود الشتات Diaspora Jewish في روسيا في مذبحة (بوغروم كيشنييف(pogrom Kishniev ، التي هي عاصمة جمهورية مولدوفا Moldova حاليا ، حين قام بعض السكان المحليين في مدينة بيسارابيان Bessarabian ، بقتل خمسة وأربعون (45) يهوديًا في تلك المذبحة وجُرح ستة وثمانون (86) فقط . واليوم بعد اكثر من سبعة أشهر من القصف الجوي والبحري والبري المدفعي ورماية الدبابات والرشاشات والقاء مئات الالاف من القذائف والصواريخ، وقتل ما يقارب 45000 فلسطيني وجرح اكثر 86000 فلسطيني لتصبح في التاريخ الحديث نكبة ونكسة ومجزرة غزة، فلا اعرف عن أي شعر وادب واخلاق يمكن ان تُقارن تلك المذبحة بالأرقام التي وصلت فيها اعداد المصابين والجرحى من الأبرياء من اهل غزة.
في تلك القصيدة الهابطة، يُصور ويُجسد الشاعر في القصيدة بأبيات وصفيّة للأشلاء والدماء والقتلى من اليهود، ويصف في أحد الابيات أم ورضيعتها كيف قتلا معا، والرجال معلقون على اعمده خشبية، ويصور كيف انه تم سوقهم كقطيع من الثيران للذبح في المذبح، بينما كان هناك بعض اليهود مُختبئين وينظرون من شقوق خشبية دون ان يحركوا ساكنه، كما ان الشاعر في بعض الأبيات يحث اليهود على زيارة قبور الضحايا ويصف كيف كان الدمار في المعبد اليهود synagogue.
لم يهدف حاييم بياليك Hayyim Bialik في قصيدته فقط وصف الحادثة في حد ذاتها، ولا اتهام السلطات الروسية أو الكنيسة أو الشرطة في تقصيرهم في حماية الجالية اليهودية أو تشجيعهم على القتل، ولم يكن يهدف حتى إلى حث اليهود على مغادرة روسيا أو تشجيعهم للانضمام إلى الحركة الصهيونية Zionist movement ولا أيضا دعوتهم للهجرة لاغتصاب وطن جديد وأفضل في أرض فلسطين ، بل ان القصيدة كانت عبارة عن توبيّخ وإدانة وحشية لجبن الرجال اليهود Jewish males وافتقارهم الكامل إلى الشعور بالشرف ، وضعفهم في مواجهة تلك الهجمات الوحشية على زوجاتهم واطفالهم وامهاتهم واخواتهم وعدم رغبتهم حتى في التفكير في الدفاع عن أنفسهم.
على أي حال للمهتمين في الادب والشعر فالقصيدة طويلة، ولكن باختصار هي من الشعر الركيك ولا تتوافق مع ذوق الادب والشعر العربي ولا حتى العالمي؛ فهي قصيدة مُبالغ في نزعتها العاطفية، ولكنها مُحفز ودافع نفسي لكل يهودي في اثارة النعرات والمشاعر الدفينة، لتجعله يُوقِف عقلة وتنعدم احساسية عن التفكير ليصبح تكفير، ولتبقى ابيات القصيدة تُغنى في العقل الباطن لتنشيّط وإحياء غريزة القتل والانتقام في عقيدة هذا الجيش البربري وتذكيرهم في تلك الحادثة. لذا فان اختيار الأعلام الصهيوني لهذ القصيدة هي أحد الدوافع ووسائل الحث والتحفيز على القتل والتطرف، التي جعلت هذا الجيش المُتطرف يقدمون على قتل الأطفال والنساء والابرياء، ولكن في هذا الزمان فإذا كتب أحد مِنّا أي مقال أو نظم أبيات مثل أبيات شاعرهم حاييم فإنه يتهم بمعاداة السامية والتحريض على العنف.
لذا فإنني اضع مُقتطفات من هذه القصيدة في سبعة ابيات ، ولكني أردت الرد على الشاعر حاييم بياليك وانا لست بشاعر ولكني احمل مشاعر غضب على ما حدث ويحدث وسيحدث لأهلنا في غزة والضفة الغربية ، فإذا تغنى حاييم بياليك في مقتل (45) يهوديا وجرح 86 يهوديا، فماذا أقول عن أهلنا الذين استشهدوا في غزة والضفة الغربية والتي وصلت أعدادهم الالاف من الأطفال والنساء وكبار السن وتدمير كل ما ارتفع عن سطح الأرض ، حتى ان الكثير من هؤلاء الابرياء لا يعرفون كيفية استخدام السلاح، ولكن بقي موقف وقصة ستبقى في ذاكرتي ما حييت وهي الشهيدة ريم (روح الروح) ، وجميع الأطفال والشهداء الذين قضوا في هذه الحرب البربرية .
من ابيات قصيدة حاييم بباليك:
من قتلى عُلِّقوا على دعامات خشبية، Of murdered men who from the beams were hung,
ومن طفل بجانب أمه مرميّ، And of a babe beside its mother flung,
تطعن أمه بالرمح، فيجد الطفل المسكين الراحة على صدر أمه البارد الخالي من الحليب؛
Its mother speared, the poor chick finding rest Upon its mother's cold and milkless breast.
كيف قطع الخنجر كلمة طفل إلى النصف، Of how a dagger halved an infant's word,
سمعت أمها، وأمها لم تسمع أبدا. .Its ma was heard, its mama never heard. ...
ومتى تصدعت أعمدة المعبد الديني اليهودي. And when the pillars of the synagogue shall crack
رسالة الى روح الروح (الشهيدة ريم)
سامحيني يا عمو، انني لم أستطع ان أُميّز ما بين دمُك الطاهر والكاتشب الذي تحبين والفستان الذي تلبسين.
سامحيني يا عمو، انني لم أحتفل في عيد ميلادك الا بالدمع، والحزن، والشجب، والنكران.
سامحيني يا عمو، وانا أشاهدك بين يدي جدك نبهان فكم اشعر بالخيبة والخذلان.
سامحيني يا عمو، انت واخيك طارق وأطفال غزة ممن حرموا من هذا العيد والالاف الشهداء الشجعان.
سامحيني يا عمو، فان عزائي الوحيد كان في رؤية وجهك الطاهر وانت تشاهدين بأذن الله موقعك في استقبال الرضوان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن نشاهد رفاقك الاطفال وهم في شوارع غزة مُسجيين وممزقين.
سامحينا يا روح الروح، ونحن نسمع صرخاتكم تبكون من الألم وأنتم جيعان ولم نستطع ان نصلكم من أي مكان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن لم نستطع ان نُقدم لك شي سوى بضع أشياء حتى أنك لم تشعري في قبرك بالأمان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن قد أغلقت بنا جميع السُبل للوصول اليك من أي مكان وحتى بعد ست أشهر كمان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن أيدينا كُبلت بالقيود وارجلنا قُيدت بالأغلال والسنتنا رُبِطت باللجام وكثر منا فقط النكران.
سامحينا يا روح الروح، فكلنا نعرف أنك قتلت بدم بارد بعقيدة جيش يؤمن في دم فطير صهيون وقتل رابين.
سامحينا يا روح الروح، ونحن قد صدقنا فيما يطلقون علية السلام مع هؤلاء الصهاينة الوحوش القطعان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن خنعنا بمبادرة السلام العربية فأصبحنا مُشتتين وسيطر على قلوبنا الضعف والوهان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن على وشك لا بل طَبعّنا وأصبحنا ننادي فيما يسمى بحوار الأديان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن أصبح عندنا من ينادي بالديانات الابراهيمية ويقول ان هؤلاء هم أبناء عمومتنا من زمان.
سامحينا يا روح الروح، ما ذنبك وانت لم تعرفي السنوار ولا الضيف، ولا أبو عبيدة او أبو حمزة كمان.
سامحينا يا روح الروح، لا نعرف اين قبرك لكي نقرأ عليه الفاتحة، ولكن سيصبح مزارا يقف عليه فقط الشجعان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن ننظر كيف استجاب لك المجوسي والحوثي وحزب الله ونحن حقا نشعر منك بالخجلان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن أنهينا شهر الجهاد في رمضان والصمت والشجب والمؤتمرات أصبح حال العُربان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن نستقبل العيد ليتبعه عيد ونحن لا يزال جاثم على قلوبنا الخوف من اليهود والامريكان.
سامحينا يا روح الروح، ونحن فقط جالسين نشاهد الاعلام والذبح لا يزال في غزة والضفة في كل مكان.
سامحينا يا روح الروح، ولكني لن انساك وانا العب مع أحفادي ايلا والياس فالفرح والحزن أصبحا شيئان لا يختلفان.
سامحيني يا عمو، وان سألوك رفاقك في الجنة ماذا صنع العرب فقول لهم العرب أصبحوا عُرّبان.
سامحيني يا عمو، وقولي لرفاقك في الجنة انه سياتي جيل بعد جيلنا سيكملون هذا الطوفان.