بالرغم أن دائرة الإحصاءات العامة قد تكون المؤسسة الأردنية الوحيدة التي تصدر بيانات إحصائية بشكل ربعي، في موضوع قد يكون هو أعلى هرم حاجات "ماسلو" أردنيا، والذي يتمثل بتحقيق الذات، والذي يمثل بالنسبة للمواطن الأردني الحصول على "فرصة عمل"، إلا أن ما تنشره دائرة الإحصاءات العامة هي نسب البطالة في الأردن كل أربعة أشهر، وليس عدد من التحقوا بفرص عمل مستحدثة أو المنقولين من جهات عمل أخرى، مما يؤكد أن ما يسجل بين ارتفاع أو انخفاض بنسب متواضعة في كل عام ليس مؤشرا حقيقيا لواقع البطالة أردنيا! وأشك بذلك.
21.4% والتي أُعلنت في نهاية الربع الأخير من العام 2023 هي نسبة البطالة أردنيا، ولكن نعلم جميعا أنه رقم يقع في قول “اللمبي” في أحد الأفلام حين قال: “مش مصدق بؤك يمه” وسبب ذلك مقارنة بسيطة بالربع الأخير من “عام البطالة” والذي سجل 23.2 %في عام 2021 تحت ذريعة العصر أو ما يسمى “كورونا” ليؤشر بفارق انخفاض وقدرة 1.8 %، وهذا غير واقعي فكلنا يعلم أن بيوت الأردنيين جميعها تضررت وتعطل فيها آلاف الأردنيين وكثير منهم ما زال متعطلا، فهل ما يتم الإعلان عنه من أرقام هو حقيقي؟
ما علينا! أصلا أنا ما أرغب في طرحه هو أهمية عنوان المقال والذي قد يسجل أكبر تكرار في محرك البحث جوجل أو في أي جلسة بمختلف المناسبات لدى الأردنيين أو في اتصالاتهم ولقاءاتهم بأي مسؤول بسؤال مباشر: “عندك فرصة عمل؟” شاغرة محليا أو عربيا أو حتى أبعد من ذلك! في وقت نسمع فيه أكثر من سبب للبطالة، كان أولها وأطولها زمنا ولسنوات طويلة مسلسل “شماعة ثقافة العيب”، ليؤكد الأردني بعد أن أتاحت له وسائل غير “أهم واحد في عشيرته”، ومنها البحث في الإنترنت عن فرصة عمل، أن ثقافة العيب “شماعة” لا مكان لها سوى في قاموس التصريحات حول عزوف الأردني عن العمل، والأصل كان القول في عزوف المسؤول عن صناعة بيئة العمل الآمنة الجاذبة، وأما أحدث هذه الأسباب حديث متكرر منذ سنوات، هو عدم توافق مخرجات التعليم وفرص العمل المتاحة، وكأنه أصلا يشغل بال الجامعي الأردني في هذه الظروف ان يتوافق تخصصه إشغال أي فرصة عمل، وليس باله وحده فقط، فأصبحنا نرى أن عددا لا بأس به من أصحاب العمل لا يهتم بتخصص أو مُخرج جامعي عند البحث عن عامل، بقدر البحث عن المهارة والالتزام لتحقيق متطلبات عمله.
برأي الشخصي أقول إن أكبر سبب للبطالة هو ليس انعدام توفر فرصة لدى صاحب العمل، بقدر أن يكون السبب هو انعدام توفر دعم حقيقي ومكتمل لدى المستثمر صانع ومستحدث وصاحب فرصة العمل، وذلك بتراجع تمكنه من بناء بيئة استثمارية كبرى جاذبة ومحققة لأكبر عدد من الفرص الجديدة، وسبب ذلك أكبر ملفات “تطفيش الاستثمار وإنشاء المشاريع الكبرى” ويتمثل بإرهاق كاهل رأس مال المستثمر بملف الطاقة والضرائب أولا، وضعف الحوافز والامتيازات الممنوحة بشكل عام ثانيا والتي علاجها جميعها. بدأنا نسمع حديثا أن احد الأحزاب الأردنية “حزب عزم” يطرح حلولها بتبني إستراتيجة اقتصاد السوق الحر بالخصوصية الأردنية، ليكون فكرا وبرنامجا مختلفا نحو الحل لو اتيحت فرصة تحقيقه، بما يحققه من تعزيز التوجه لإنشاء المشاريع والمصانع الكبرى، والتي تحقق فرصة مهمة لاستحداث واستيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن “فرصة عمل”.
ولنعلم أن استقطاب المال مهمة أساسا، ومنح المستثمر الأرض والامتياز والتسهيل لأبعد حدوده ولو كان “ العائد الحكومي صفريا” لأول سبع سنوات في وقت هو غير ذلك اقتصاديا، إلا أنه هو مفتاح بناء المستقبل لاقتصاد قوي، مقابل التزام محكم في تشغيل الأردنيين ومنح امتيازات ورواتب مجزية.
الخلاصة والحل في وزارة الاستثمار وأؤمن اليوم أنها ليست مهمة وزارة أو مؤسسة غيرها لتقليل نسب البطالة أردنيا، ولإنجاح دور هذه الوزارة وتحقيق المنشود يستوجب أن يملك الوزير فيها صلاحيات الوزراء والأمناء العامين في وزارات أخرى كالمالية والطاقة والزراعة والبيئة والأشغال، وتصل احيانا لمنحه دعم صلاحيات رئيس الوزراء في القرار للاستثمارات النوعية والمهمة، وغير ذلك سيبقى المستثمر ووزارة الاستثمار في جزيرة معزولة ينتظرون قارب نجاة لا أكثر، والأردني يحلم بفرصة عمل.
الغد