نعم.. سنظل نضئ على الموقف الأردني إتجاه المذبحة التي تجري في غزة على يد إسرائيل، ونقول واثقين: لا أحد يستطيع أن يزاود على الأردن، ملكا وحكومة وشعبا، وكل محاولات النيل من هذا الموقف العظيم لن يجعل الأردن يتراجع عن دعمه لفلسطين وشعبها، وكل الذين يغمزون في هذا الموقف وفي مقدمتهم جبناء الذباب الإلكتروني القذر الذين يختبئون خلف شاشاتهم وهواتفهم الملوثة ومن ورائهم لا يعبروا إلا عن حقد دفين على الأردن، أو تصرف ممول ومدفوع من قبل جهات تشعر أن الأردن يشكل خطرا عليها، لأنه يمثل وجه الحقيقة للموقف المشرف ليس فقط إزاء غزة، بل كل القضية الفلسطينية التي اعتبرها منذ أن انفجرت في وجه العالم قضيته، ودفع أثمانا بالغة وتحمل جراح كثيرة على هذا الطريق المليء بالألغام والتآمر والطعن في الظهر.
الموقف الأردني ثابت ولم يتغير منذ الملك المؤسس عبدالله الأول مرورا بالملك طلال إلى الحسين حتى تسلم الراية عبدالله الثاني الذي حمل القضية الفلسطينية على مساحة العالم وعلى كل المنابر الدولية واستطاع أن يجعل الملف الفلسطيني حاضرا دائما في الذهن الدولي.
كل هذه التضحيات ولا زال البعض الحاقد يغمز بهذا الموقف بكل الوسائل المتوفرة لديه، والذي يطلع على الكتابات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي المنحرفة عن الأخلاق الوطنية والقومية والعقدية يشعر بالغثيان والغبن والظلم. ولا يمكن للذباب أن يحجب الشمس.
تعالوا إلى كشف حساب كل المواقف العربية والإسلامية عبر تاريخ القضية، من قدم لفلسطين أكثر من الأردن على مستوى الدم وعلى مستوى الدعم السياسي والمادي؟ ولو أراد العرب خوض معركة مع إسرائيل لكان الأردن حاضر في الصفوف الأولى، وفي عام ١٩٦٧ كان يدرك أن الشعارات والخطابات الفارغة لن تجعل العرب ينتصرون ولكن الاردن التزم بالقرار العربي حتى لا يتهم انه خرج عن الاجماع القومي دفع ثمنا بالغا.. وفي خضم معركته من أجل ايقاف المذبحة في غزة
يأتي اليوم البعض سواء من الخارج أوالداخل يحاول حرف البوصلة في الشارع الأردني عن فلسطين ليوجه اتهامه إلى الأردن تلميحا وتصريحا وكأن الأردن هو المسؤول عما يحدث في فلسطين!!
عندما قرر العرب بضغط من منظمة التحرير الفلسطينية عام 1974 في قمة الرباط أن تكون الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، القرار الذي ربما لا زال الفلسطينيون يدفعون ثمنه هذا حتى اليوم، والكثير منهم ربما ندم..
ظل الأردن قابضا على جمر القضية الفلسطينية رغم القرار أعلاه ولم يتزحزح قيد أنملة عن موقفه، وعندما قامت السلطة الفلسطينية في رام الله، اعتبرها الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني وقدم لها كل الدعم وقرار فك الإرتباط الذي جاء أيضا بضغط من القيادة الفلسطينية لم يجعل الأردن يتخلى عن الأشقاء الفلسطينيين، وظل دعمه قائما حتى هذه الساعة يفتح أمامهم كل الطرق لتسهيل أمورهم عبره، وشكل حلقة الوصل بينهم وبين العالم، وعندما قرر الحسين بعد عام 1967 فتح الجسور بين الضفتين، كم من الطعنات ضربت بظهره، وكم من الإتهامات الباطلة تلقاها، ولكن كانت رؤيته السياسية العبقرية تنظر لمصلحة الفلسطينيين بعيدا عن الخطابات الكاذبة والشعارات الفارغة، وأثبت تاريخ القضية أن القرار كان الحلقة الأكبر في دعمهم.
ولم يتوقف الدعم الأردني عند الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث امتدت يد الحنو الأردنية إلى الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1948، وقدم لهم كل التسهيلات حتى لا ينفصلوا عن أمتهم ويظلوا على ارتباط بها وبقضيتهم وحتى لا تنفرد إسرائيل بهم.
لكن الحاقدين والمرضى وعمي البصيرة لا يحركهم إلا حقدهم وسواده فقط، وربما غيرتهم.
كفى.. لقد تحمل الأردن ما لم يتحمله غيره وقدم ما لم يقدمه غيره، وهذا كشف حسابنا معروف للجميع عبر عمر المأساة الفلسطينية فمن لديه كشف حساب يوازي ما قدمه الاردن يقدمه... واليوم يقف الأردن كالطود في وجه مأساة غزة، ويخوض في تفاصيلها على كل المستويات السياسية واللوجستية
لم نعد نحتمل كل هذا الجحود من أي طرف كان، أما ما يحدث في عمان منذ ما يقارب الأسبوعين، يرد فضله إلى الدولة الأردنية ممثلة بأذرعها الحكومة والأجهزة الأمنية، فقد قدمت للناس كل التسهيلات وكل سبل الحماية، لمن أراد أن يعبر عن موقفه تجاه المأساة ولم يمنعه أحد ضمن القانون، أما من يريد أن يحرف البوصلة عن اتجاهها لمشروع في عقله، فالقانون له بالمرصاد، فالقانون الأردني لم يكن تطبيقه يوما ضد دعم الشعب لفلسطين، أما من أراد غير ذلك، فليواجه هذا القانون .
التعبير الرمزي في الشارع له محددات وضوابط وسقف،
وعندما يخرج عن هذه المحددات يكون قطعا في أنفس البعض غاية، الأردن غير مضطر أن يظل يدافع عن موقفه وليس مضطرا أن يظل يتجرع سموم السهام الغادرة والنوايا الخبيثة لأن ابناؤه سيدافعون عنه بكل صدق وقوة وثبات متمسكين بشرف الوطنية الخالصه له .. وسيظل هذ البلد يحمل راية الدفاع عن فلسطين وهو الذي ما خذل الاشقاء يوما وما أدار ظهره لواجباته اتجاه أمته ،وليذهب كل الحاقدين الى الجحيم بحقدهم وسمومهم