facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النزق .. رحلة في عالم الطيش والتسرع


د. نعيم الملكاوي
04-04-2024 09:13 PM

في متاهات الحياة ، تتجسّد لحظات النزق كنقطة سوداء تعكر صفو الأفق ، سواء في نسيج الدول أو في أعماق النفوس البشرية .  تنعكس تلك الحالة في السياق السياسي على شكل اضطرابات تهزّ أركان الدول ، بينما تندرج في السياق النفسي والاجتماعي على شكل اضطرابات عاطفية واجتماعية تستبيح انسانية الفرد .

لا بد من تعريف النزق لغوياً قبل الشروع في تحليل مكنون شخوصها ، إن كلمة "نزق" تشير إلى الطيش والتسرع وقلة الصبر والتهور في السلوك أو التصرفات . تُعبر عن الشخص الذي يتخذ القرارات بشكل متسرع دون تفكير عميق أو تقدير للعواقب ، وغالباً ما يكون لديه رغبة قوية في التغيير وعدم الاستقرار في الرأي أو الحالة . النزق يعكس الاندفاع وعدم الثبات ويمكن أن يؤدي إلى التصرف بشكل غير مدروس أو غير مناسب لتأخذ طابع المراهقة التي لا يحكمها عمر او منصب او اعتبار . 

١ . النزق السياسي :
تمثل الدول مسرحاً لعروض متعددة ، حيث يتلاقى السياسيون والمواطنون في رقصة معقّدة ما بين السلطة ومحاولات السيطرة والتسلط . عندما تنغلق بوابة الحوار والمنطق ، تتصاعد أصوات التنافس السياسي ، تندلع أحياناً عواصف النزق والتهور ، تجتاح الدول والنفوس بلا رحمة . تنساب الصراعات كجريان الدم في عروق الأمة ، تترك أثراً عميقاً من الدمار والخراب يمتد على مدى الزمن يصعب ترميمه . وكما يُقال ، يتموج النزق السياسي كالمد والجزر ، متأرجحاً بين فترات الاستقرار وأخرى من الفوضى .

٢ . النزق النفسي :
في رحلة الفرد عبر طرقات الحياة ، يصادف مفترقات تضعه أمام تحدّيات نفسية غير مسبوقة . تنسكب عليه موجات القلق والضغط كحمم بركان متوهج ، يذوب الهدوء النفسي تحت ألسنة نيران الانفلات وتطاير الالباب من غلاف العِقال . يتلوح ظل الاكتئاب في أفق الوجدان ، ليرافقه صدى الشكوك والتردد ، يعكس الفراغ النفسي صورة الضياع والتشتت لتنعكس جميعاً على تصرفات الفرد اتجاه نفسه اولاً ، وتنفجر لتطال من حوله ثانياً بلا مبرر مصادراً بذلك حقوق الاخر تحت رداء التذاكي والفهلوة .

٣ .النزق الاجتماعي :
تعتري المجتمعات أحياناً أوهام الفرقة والتفرقة ، تتشظّى العلاقات الاجتماعية كالزجاج المتهشم ، تنكسر الروابط وتتشظّى الأواصر . يتحوّل الحضن الاجتماعي إلى ساحة معركة ، تتوسّد الفتن والانقسامات مقعدها ، ويعتلي اشرارها منابرها ، وتُنشر بذور الكراهية والعداء بين صفوف الأشقاء .

في زمن النزق ، يحتاج الفرد والدولة بكل اركانها إلى أن يكونا كالمركب في عاصفة هوجاء ، يعتمدان على قواعد الصمود والتصدي للأمواج . يتطلب التغلب على النزق تضافر الجهود وتلازم رص الصفوف ، فالتوحّد والتضامن هما مفتاح الخروج من هذه الحالة ، سواء على المستوى السياسي ، النفسي أو الاجتماعي . فلنتعلم من تجارب السابقين ولنواجه النزق ببسالة وإصرار ، لنبني بذلك جسوراً من الأمل تعبر بنا نحو شواطئ الاستقرار والسلام .

في نهاية رحلتنا عبر عوالم النزق ، نجد أنفسنا مواجهين لتحديات هائلة تتخطى حدود الزمان والمكان . فالنزق ليس مجرد زخم سياسي أو انكسار نفسي او حنق فردي فحسب ، بل هو صورة مكونة من أوجه متعددة من التجاذبات النفسية من الضروف والعوامل .

لتصبح الحالة بحاجة إلى تكاتف أكبر ، وفهم أعمق ، وتسامح أوسع ، حينها نستطيع مواجهة هذه التحديات نحو المحافظة على سلامة الفرد والمجتمع والدولة .

لنتذكر دائمًا أننا سواء أكنا دول أم أفراد ، قادرون على تحويل النزق إلى فرصة لمراجعة الذات ، فرصة للتلاحم ، لنترك بصمة إيجابية تضيء درب الأجيال القادمة .

وتبقى شعلة العقلنة متوهجة مضيئة دروبنا نحو حياة تخلو من النزق .... ! ! !

هكذا تدار العلاقات والاوطان. 





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :