facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سيفنا ولا يبرأ صويبه


د. صبري ربيحات
04-04-2024 05:50 PM

للإنسان الاردني هوية خاصة وفريدة قد لا يفهمها من لا يمعن في تفصيلاتها .فهي كينونة قوامها كل ما يضاف الى التكوين الجسدي من معتقدات وافكار واساطير وروايات وحكم وامثال واشعار وطقوس وموسيقى واطعمة وعادات وتقاليد واعراف وقيم ولباس وملكيات للارض او اسهامات في صناعة المجد والتاريخ للجماعة او الامة .

ويدخل ضمن ذلك حدود الارض والمكان وذاكرة هذا المكان وما مر عليه .كما تشمل الهوية كل ما يتعلق بمفاهيم الواجب والحق والمعروف وأدب المناسبات وبطولات الجماعة او الافراد وتاريخ الأحداث والهزائم والعلاقات بالاخرين اكانوا اعداء ام اصدقاء اضافة الى سير الآباء والاجداد ونظرة الاخرين للعائلة والجماعة وكل ما ترويه الجماعة لنفسها عن نفسها وتنسبه لها من بطولات وادوار سواء كانت حقيقية ام مفتعلة...

على صعيد الفرد تنصهر جميع مكونات الموروث الشعبي في الشخصية الآباء وتنتقل للأبناء على هيئة ممارسات يصعب على الابناء ادراك جذورها ومولداتها.

فهي تتسلل عبر التصرفات والمواقف الاتجاهات دون الإشارة الى الصلة المباشرة بين الفعل وجذره التراثي.

المؤسف اليوم ان هناك فجوة زمنية ومعرفية بيننا وبين الأصول والظروف والسياقات التي تولدت فيها بعض هذه الأفكار والانماط التي شكلت هويتنا .فاصبح بعضنا يشعر بغرابتها عنا وعن انماط واشكال علاقاتنا المعاصرة للدرجة التي تدفعنا للتحامل عليها ونقدها ومعاداتها.

بعض اشكال تلموروث تتعرض للتحريف والتشويه العفوي او المقصود والبعض يتخذ منها مثالا لاقامة الحجة على تاريخنا ويعزو لها تراجعنا .

في ذلك كثير من التجني والظلم فتراثنا هو هويتنا وهو ذاتنا وهو ما يميزنا عن الاخرين ويكسبنا خصوصيتنا . للتدهور الذي حصل في علاقتنا مع الموروث اسباب بعضها متعلق بانبهارنا بالغرب والرغبة في التقليد . والثاني الإهمال الذي حصل للموضوع من قبلنا .فلا مؤسسات جادة تعنى بنقل وحماية وبحث التراث ولا اهتمام حقيقي ببلورة وبناء هوية تستند على اسس من التراث وتمكن الفرد من الانطلاق للمستقبل بثقة ويقين. اي اننا تجنبنا ان نبني نهضتنا على اسس من تراثنا فجرفنا مضامين هويتنا او اهملناها على أقل تقدير .

ظهيرة اليوم استفزتني القراءة لبعض نصوص محدثة لتراثنا من قبل أشخاص لا علاقة ولا اهتمام لهم بذلك . فدفعني ذلك الى الاتصال مع عدد من الاصدقاء ممن يقعون في مربع الفئة العمرية التي انتمي لها و يبدون اهتماما بالموروث الشعبي .

كانت الغاية من اتصالي التذاكر حول بعض مضامين موروثنا الشعبي ودلالاته ... وكنت قبلها قد تحدثت مرارا عن دخول بعض كتاب كلمات الاغاني ومدونوا الاهازيج والاشعار الغنائية على سكة التراث واعادة تشكيل محتواه ليناسب المناسبات التي يكتبون لها....
"سيفنا يخلي الدم شلال....سيفنا ولا يبرأ صويبه"

شدو على ركايبكم يارجال... ...مع الله كونوا يوم المصيبة الى ...هلا بخالد هلا بصلاح الدين هلا بجيشنا قاهر اعادينا "
هذه الأبيات عدلت بشكل كبير واصبحت تغنى في مناسبات عديدة والغي منها خالد وصلاح الدين ووضعت اسماء لتحل محل هذه الأسماء.

لا أحد يعترض على ان يكون التراث ملهما ومحفزا للشعراء والكتاب والمهتمين لكن ينبغي أن لا نتهاون في حماية قدسية الموروث الشعبي فهو إرث للجميع ويحتاج الى جهة رسمية للحماية ...القصص والروايات والاحداث وحتى المعارك الفاصلة يجري التنازع على ماهيتها وتواريخ وقوعها وابطالها لدرجة اننا اصبحنا نسمع بأسماء غير تلك الأسماء التي عرفناها.

منذ اكثر من خمسة عشر عاما حاولت وزملائي في وزارة الثقافة إبان خدمتي لها كوزير ان نؤسس برنامجا وطنيا يعنى بذاكرة الامكنة وتراثها ليدون كل ما فيها ويودع في مكتبات المدن التي بدأنا بتاسيس عدد منها لكن الزمن لم يسعفنا لاتمام المشروع حيث اندثر المشروع في اليوم التالي لتبدل الحكومة ...

في ايام كثيرة يمطرني عبداللطيف بعشرات الأسئلة حول لماذا وكيف ومتى بدأ كذا وكذا .. احيانا اجيبه واحيانا احيله الى جوجل وفي مرات اخرى كثيرة لا يوجد جواب شاف....

ذات يوم سألني عبود ونحن نتجول في شوارع عمان مشيا على الاقدام عن سبب تسمية شارع الرضا بهذا الاسم ولماذا سمي الشارع القريب منه بالسعادة . لم اكن اعرف فسألت ثلاثة أمناء سابقين لعمان عن السبب للتسمية فلم يجيبوا وبقينا نسأل الى ان حصلنا على اجابة قد لا تكون هي الاصح.

بالامس لبيت دعوة على الافطار في مضارب عشيرة اردنية كريمة في احدى المناطق المجاورة لعمان. كان ذلك هو الافطار الثاني في بحر اسبوع عند ابناء هذه القبيلة الكرام .

تململ ابني عبداللطيف محتجا على خروجي من البيت وعدم مشاركته الافطار في بيتنا لليوم الثالث على التوالي ...لقد كان عليي ان اشرح له فلسفة الافطارات الجماعية وكيفية اختلاف الولائم الرمضانية الجماعية التي يقيمها ابناء البادية للاقارب والاصدقاء عن تلك التي تقيمها الأسر لابناءها في باب صلة الارحام.

وقد جابهني بسؤال اخر حول لماذا لا يقوم ابناء الريف والمدن بهذا الطقس بنفس الدرجة ونفس الحماس .. اجبته بان ذلك يختلف من بيئة لاخرى فقد كانت القرى الصوفية تقوم بتهاليل رمضانية اي جلسات ذكر تسبق الافطار ويوهب صاحب الدعوة الاجر لامه او لابيه .
نعم في مجتمعاتنا ممارسات تتشابه وتختلف لكن الإجابة تكمن في التراث والموروث الشعبي ونمط الحياة .ففي المجتمعات القبلية حيث يحتل الكرم والناموس قمة هرم القيم التي يتحلى بها الفرد وله معنى وقيمة تفوق قيمة ومعنى العديد من الممارسات التي يعتبرها البعض مهمة وحيوية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :