ما يحدث في الشارع الاردني ، من خروج بسيط عن حدود المظاهرات ، لا يتعدى كونه زوبعة في مهباش ، فمن يشاهد و يقرأ المشهد الواسع سيعي جيدا مستوى الوعي في العقل الاردني ، مستوى ادراك أننا بدون هذا الوطن سنضيع...أن شعوبا محيطة تتحسر كل يوم كيف أضاعت بلدانها و رهنتها للاغراب ، كيف أن التعبير قد يساء فهمه و أن الشارع قد يصبح ملاذا لمخرّبي الاوطان...
من يشاهد جولات جلالة الملك و الافطارات و اللقاءات التي يجريها في البوادي و الارياف و الصحاري و المدن الاردنية ، يستطيع أن يستقي منها الزُبدة ، شعب يلتف حول القيادة ، يناقش تارة و ينتقد تارة أخرى ، لكن يعلم جيدا قيمة هذا الأمن و الاستقرار...
محيط من نار!
الاردن في الحقيقة ، يعيش وسط محيط من نار ، لطالما مشى به لكن دون أذى ، فسوريا مثلا لا تملك حدودا ثابتة و لها هوية بعيدا عن الميوعة كالحدود الاردنية ، و بنظرة سريعة على الشارع العراقي سنجد الانقسامات و التوترات ، و ما يحدث في فلسطين لا يسرّ البال ، أما الجارة الجنوبية السعودية ، فهي أيضا تشاركنا ذات المناخ من السلام و الاستقرار ، لذلك في الازمات نشدّ على يدها و تشدّ هي على يدنا ، لأنّ الرياض و عمّان تدركان الخطر و الخطط.
طوفان حُبٍّ للأردن
كل المظاهرات التي تحدث في خارج محيط منطقة الحدث"غزة" ، هي مجرد وسيلة توصيل رسالة للعالم ، أما ما يحدث من "بعض" المتظاهرين في الأردن حاليا هو محاولة خلق فوضى و مشاحنات تؤدي لانفلات أمني يصبّ في مصلحة دول و كيانات و محطات تلفزيونية تتسارع لتقسيم الشاشة و نقل الصدام...كما اعتادت...
الأردن لم يتوانى منذ أن حدثت النكبة الفلسطينية إلى اليوم عن دعم الاشقاء هناك ، لا بل سارع إلى خلق لُحمة و مودة بين شعبين على أرضٍ واحدة ، فكيف يلام الآن وطن لطالما تغنّى بهذه العبارة" شعب واحد مش شعبين ، هيك علّمنا أبو حسين"!
القصة هي باختصار ، محاولة نشر الفوضى هنا ، تحت ذريعة النصرة ، فأية نصرة هذه بتدمير الاوطان و البنيان و الانسان؟
و لماذا لا تثور شعوب اخرى لطالما تغنّت حكوماتها بطريق القدس؟ أم أن تلك الكيانات هي من تحرّك اذرعها هنا و هناك؟
المعضلة في أن المشارك في نشر الفوضى نضرة في غزة ،لا يعلم أنّه بهذا ينصر الكيان لا غزة ، فكلما تفككت الشعوب العربية أكثر ، كلما كانت اللقمة سهلا للبلع أكثر ! فكيف تدعم الفوضى و المظلوم في آنٍ واحد!
الأمن العام خط أحمر ، الجيش خط أحمر ، الدرك خط أحمر، حرس الحدود خط أحمر ، و كل من يحبّ هذه البلد و يخدمها بتفانٍ خط أحمر لا يقبل أبدا استفزازه أو المساس به...فالأردن كما المبهاش...يصبر و يصبر و يصبر ، لكن متى ثار طَحنْ.