نتنياهو يتحدى العالم ويستمر في إبادة غزة
سالم البادي
04-04-2024 01:16 AM
بعد تبني مجلس الأمن الدولي قرار رقم ٢٧٢٨ بوقف إطلاق النار في غزة بتاريخ ٢٥ مارس ٢٠٢٤م وتحترمه جميع الأطراف خلال شهر رمضان، ما يفضي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار"، وتضمن القرار الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
بيد أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو رفض تنفيذ القرار وأعلن أنه سيواصل هجومه العسكري في قطاع غزة، على الرغم من تزايد الضغوط الدولية ، وأعطى أوامره لقادة جيشه النازي باستمرار عملياته العسكرية الإجرامية ومذابحه الوحشية بحق المدنيين والابرياء العزل في جميع أنحاء القطاع "بما في ذلك رفح"، وقالها علنا أنهم "يخوضون حرباً وجودية وعليهم أن ينتصروا فيها.. وهي العبارة التي يستخدمها مراراً وتكراراً في خطاباته العنصرية النازية.
بات هدف الحرب الصهيونية ضد غزة معلن ومعلوم لدى العالم بأنها حرب غزة هي حرب وجود وليست حدود ...!!
واستمرار نتنياهو واصراره على رفضه بعدم إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وعدم عودة اللاجئين والمهجرين، وعدم موافقته بوقف عمليات الاستيطان، والاستيلاء على اراضي الفلسطينيين بالقوة، وغيرها من القرارات التعسفية والعرقية والعنصرية المستمرة منذ عقود هي عبارة عن عقيده صهيونيه ينفذها بنو إسرائيل عبر تاريخهم الأسود الملطخ بدم الشهداء.
وسياسة نتنياهو الفاشية الخاسرة فشلت فشلا ذريعا بعد عملية "طوفان الأقصى التي أظهرت إخفاقات استخباراتية وعسكريه خطيره، الأمر الذي أدى إلى انخفاض شعبية نتنياهو في اوساط الكيان الصهيوني المحتل، وحمله مسؤولية الفشل في التصدي لهجوم السابع من أكتوبر .
وبات مستقبل نتنياهو اليوم قاب قوسين أو أدنى من السقوط أو الهلاك ، فقد فشل دبلوماسيا وسياسيا، وبلا شك انه سوف يتم ملاحقته جنائيا من قبل المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب بعد انتهاء الحرب ، فضلا عن قضايا الفساد الداخلية فهو يتعمد إطالة أمد الحرب لانه يعرف ما ينتظره اذا انتهت الحرب بدون تحقيق اهدافها ، وهذا يضعه في موقف الضعيف والخاسر أمام شعبه.
وباتت أرض غزة اليوم بسبب سياسة العدوان تسيل دماً بفعل آلة القتل الصهيونية الممنهجة وآثار الحصار الظالم الجائر الذي أثخن جسدها رصاصات غدر المحتل.
وما كان من اقتحام لمجمع الشفاء الطبي بغزة الا دليلا قاطعا على وحشية وعنصرية وفظاعة هذا الكيان المغتصب، الذي جعل من المستشفى ثكنة عسكريه ومقرا لقيادة عملياته الحربية، هذا الجيش النازي المنزوع من الرحمة المتجرد من الاخلاق الإنسانية، والمتعطش للقتل وسفك الدماء ،يكشف كل يوم عن مدى كرهايته وحقده الدفين ضد الأمة بحجم الدمار التي خلفته ترسانته الحربية والأمنية بالمجمع الطبي ومحيطه ، وأظهر مدى قساوته ووحشيته الغير إنسانيه عبر انتشار جثث الشهداء المتفحمة في الشوارع والطرقات المحيطة بمجمع الشفاء الطبي.
ولم يتوقع العالم أن يشاهد عبر وسائل الإعلام بشاعة هذا العدو الهمجي بما قام به من إعدامات مباشرة بحق المدنيين العزل والأطفال والنساء وكبار السن والكادر الطبي، والمرضى والجرحى وتعمد دهس الجثث بالدبابات والتنكيل بها ...!!
ولم يرحم حتى المرضى بغرف العناية المركزة والحالات الصحية الحرجة للمرضى والجرحى....
فهل هؤلاء بشر ؟ ؟ وهل هذا جيش نظامي أخلاقي يراعي المبادئ والقيم الإنسانية وقوانين الحرب ؟؟
لا بل هم أنجس خلق الله ،وهم أحفاد القردة والخنازير الذين لعنهم الله تعالى وحل عليهم غضبه إلى يوم الدين ، فقال عزوجل: ﴿ قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ﴾(المائدة:٦٠).
لذلك قصفوا وحرقوا ودمروا مجمع الشفاء الطبي، وقتلوا الجرحى ودفنوهم مكبلي الأيدي ونبشوا القبور وحاصروا الأطفال والنساء والمرضى ، يظنون أنهم بفعلتهم وجريمتهم الشنعاء النكراء المروعة بأنهم سيفلتون من العقاب، هيهات هيهات لما يمكرون ويكيدون....!!
قال تعالى{والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون}(يوسف:٢١)، فيقينا أنهم سيلقون عذابهم بالدنيا وبالأخرة، وفي جهنم وبئس المصير .
وكما أخبرنا القرآن الكريم عن بنو إسرائيل انهم اكثر عباد الله فسادا في الأرض، وهم أكثر من قتل الأنبياء والمرسلين ، وهم أكثر من كذَّبوا وعصوا الله على وجه الأرض .
وهذه جينات وراثيه توارثها بني إسرائيل ، ونهج ساروا عليه منذ ما يربوا على الفيّ عام ، فالقتل والتعذيب دينهم ،والكذب والتزوير سلوكهم ، والخداع والخيانة أسلوبهم في التعامل مع الآخرين وخصوصًا المجتمعات المسلمة، قال الحق تبارك وتعالى فيهم :{ولن ترضىٰ عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى اللَّه هو الهدىٰ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من اللَّه من ولي ولا نصير}(البقره:١٢٠).
إن المجرمين السفّاحين الصهاينة قد أثخنوا في القتل والقصف والحرق والتدمير والتهجير والتجويع والتعذيب في غزة، ولكن ستظل غزة الأبية الشامخة صامدة في وجه طغيانهم وجبروتهم وكبريائهم، وإن فصائل المقاومة الفلسطينية لن يبقى لديها الوقت لتشرب الماء البارد، وتجلس على موائد الإفطار وتستريح قبل أن تشفي غليلها ،قال تعالى:{قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} (التوبة:١٤).
لقد تكالبت كل قوى الشر والطغيان والاستبداد والاحتلال على غزة وتوالت عليها المؤامرات والمكائد ، وخذلها القريب قبل البعيد ، والاخ قبل الغريب ،ولم يبقى معها إلا "الله" الواحد الأحد الفرد الصمد.
والله يُمهل للظالم ، حتى إذا أخذه لم يُفلته.
المقاومة الفلسطينية الباسلة المجاهدة تمتلك مفتاح أسبابها بحق، ومن كان يظن أن "طوفان الأقصى" هو نصرة للقضية الفلسطينية ودفاعا عن تدنيس الصهاينة للمسجد الأقصى الشريف ،ووقف اعتداءاته المستمرة على المصلين بالمسجد الاقصى، وفك الحصار الظالم الجائر على قطاع غزة، ودفع الظلم والاضطهاد والاستبداد والاحتلال فليقف في صفها ، وليكن داعما لها وسندا في مطالبها المشروعة المسلوبة والمغتصبة منها ، وليقف مع الفئة المظلومة لا الظالمة.
ومن كان لديه في "طوفان الاقصى" أدنى شك فليراجع نفسه وليعلم أنه يقف مع الفئة الباغية.
"الفئة الباغية" التي جعلت من قتل الأطفال والنساء والمواليد والرضع والشيوخ والمرضى والجرحى فنا من فنونها القتالية الحربية وغاراتها الشعواء التي يتفاخر بها العدو، أمام مرأى ومسمع العالم لحظة بلحظة وساعة بساعة ويوما بيوم ، وتحصد عشرات الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين والاسرى.
"الفئة الباغية" التي حصدت الشجر والحجر ، والانسان والحيوان،وظل العالم صامتا يشاهد فصول الحرب الوحشيه على شاشات التلفاز ويظنها مؤامرة.
نعم، إنها مؤامرة دولية لتصفية أبناء شعب غزة، تقودها قوى الشر وينفذها جلادها الجزار المحتل الصهيوني الفاشي النازي والمتعطش ليروي عطشه من دماء أطفال غزة الزكية الطاهرة .
ما زال نزيف الدم الغزاوي مستمرا ولم يتوقف حتى الان ولم يحرك أحدا ساكنا لنصرة شعب اعزل محاصر جائع وجريح، شعب فقد كل مقومات الحياة البسيطه التي تعينه على العيش بحريه وكرامه.
ولكن نقول للاعداء واعوانهم وللمثبطين والمحبطين والشامتين والمتخاذلين لا تفرحوا بموت غزة ولا تسعدوا بضعفها وعجزها ،وقلة حيلتها، فغزة اثبتت لشعوب العالم الحر أن شعبها جبارا قويا صامدا صابرا محتسبا ثابتا واثقا بربه متيقنا بأنه ناصره لا محاله ولو بعد حين، وقد ضرب أهل غزة أروع معاني الصمود والثبات وأروع البطولات والتضحيات الجسام في سبيل الدفاع عن ارضه وعرضه وحريته وكرامته.
إن سياسة الاحتلال الصهيوني اليوم على وشك تصفية كاملة لقطاع غزة من البشر والحجر والتاريخ والجغرافيا، ولا توجد حتى الان قوة بالعالم قادرة على وقف هذا النزيف الدموي المؤلم، ومواجهة هذا الجيش النازي العنصري الوحشي المتجرد من كل القيم والمبادىء والاخلاق الإنسانيه، بسبب حصوله على الدعم السياسي والعسكري واللوجستي والاقتصادي الكامل من القوى العظمى بالعالم التي تدعي بانها راعية للسلام والامن الدوليين وهي عكس ذلك . المهيمنه على المنظمات والجمعيات والهيئات الأمميه ومجلس الامن الدولي أمريكا ومعها الغرب.
وأتى "طوفان الأقصى" ليفشل خطط الكيان الصهيوني الخبيثة وكشف مؤامراته الاستخباراتية الخسيسة، وكشف حقيقة جيشه الذي هو أهون من بيت العنكبوت، الذي يضم مرتزقه من عدة دول، وكشف وجهه الحقيقي غير الأخلاقي.
واثبت "طوفان الأقصى "ما يتصفون به بنو إسرائيل من نقضهم للعهود والمواثيق ،وقد بينه الله تعالى في كتابه العزيز فقال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون، الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون، فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون}(الأنفال:٥٥-٥٧).
ما زال عداد الموت فعالا في غزة وسجل الإحصائيات لإعداد الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والكبار والصغار، والجرحى والمرضى والمهجرين والنازحين في تزايد مستمر ، وضمير العالم لا يعنيه كل ذلك الإحصاء وذاك العداد المستمر لتلك المجازر الإنسانية اليومية والابادة الجماعية المستمرة.
لم ينعم أطفال غزة بطفولتهم حتى قطفتها قوات الصهاينة الطغاة الغزاة وهي رطبة....!!
هنا انتهت معنى كلمة الإنسانية والعاطفة والأخلاق في قلوب العالم ، وأصبحت مشاهد القتل والذبح والحرق والتعذيب والاغتصاب والهدم والتدمير والتجويع أشبه بأفلام أمريكية صهيونيه وثائقية تمر على البال بحمل خفيف.
ان من المؤلم والمؤسف والمحزن حقا حدوث هذه المجازر بحق الأبرياء المسالمين المحاصرين الآمنين ببيوتهم ، فالعدو الغاشم لم يحترم حرمة شهر رمضان المبارك رغم إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار، ولم يراعي المبادئ والقيم الإنسانية ولم يحترم حتى قوانين الجمعية العامة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية فضلا عن قرار مجلس الامن الدولي ، ولم يعر اهتماما لها وضرب بها عرض الحائط.
المجتمع الدولي ما زال عاجزا من وضع حدا لهذه الجرائم الإنسانية والابادة الجماعية في حق قطاع غزة المحتل المحاصر.
يبدأ يوم الغزيين بمئات الشهداء والجرحى والمفقودين منذ اكثر من ستة أشهر، وهم على نفس وقوة واحده وترابط وتآزر وتعاضد كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا، ويقاسون الآلام والجوع والاحزان والمآسي والمعاناة وهم صابرون معتصمون بربهم . طائرات الصهاينة المسيرة تهوى باستمرار على النساء والأطفال، حاملة معها كميات كبيرة من الحقد والاجرام ، وتطلق قنابلها وصواريخها على أجساد الضعفاء المدنيين العزل ، وترمي بمخلفاتها النجسه على أرض فلسطين الطاهرة وغزة العفيفة.
ألمنا يزداد وتضرعنا لله مستمرا وأملنا يكبر أمام هذا الصمود والثبات والكفاح والرباط الأسطوري الذي سطرته فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة بمعركة كبرى سيخلدها التاريخ وستفخر بها الأجيال الحالية واللاحقة.
ألم يآن الأوان أن يترفع كل مسلم وكل انسان حر على هذه البسيطة عن كل ما يشغله ، ليسعى جاهدا من أجل إيقاف المجازر الإنسانية اليومية التي يتعرض لها الشعب الغزاوي العظيم.
أين القوى السياسية الفاعلة؟
أين دور منظمات المجتمع الدولي وحقوق الإنسان؟؟
أين دور منظمة التعاون الإسلامي؟؟ لتعلن تضامنها ودفاعها لإنقاذ هذا الشعب العربي المسلم الذي يقبع تحت آلة القتل والذبح والحرق والتعذيب الصهيونية.
درجات المعاناة كبيرة، وغزة معاناتها فاقت كل الدرجات وكل التوقعات وكل المعايير والمقاييس العالمية.
إعداد الجرائم والابادة الجماعية والتدمير وعمليات التهجير الممنهجة والحصار الظالم الجائر وسلاح التجويع ، وحرمان الراحة والطمأنينة والاستقرار والحياة الطبيعية لأهل غزة فاق كل التوقعات وتجاوز كل الأعراف الإنسانيه، عداد الموت يسجل احصائيات متزايدة باستمرار وصلت الان إلى اكثر من ٣٣ الف شهيدا فلسطينيا وأصيب اكثر من ٧٥ الف جراء هذه الحملة العسكرية الإجرامية على القطاع منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، وما زالت اعداد كبيرة من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
إن حق الحياة هو أول حق من حقوق الإنسان، شرعه الله تعالى في جميع الشرائع السماوية، ومن يخالف ذلك فهو بذلك يتحدى شرع الله سبحانه وتعالى،إلا إذا كان هذا الإنسان قاتلا معتديًا وظالمًا غشوما فهو يستحق القتل، وما عدا ذلك فليس مقبولا عند الله سفك دم أحد من عباده.
وتعد حرمة الدماء من أعظم الحرمات في الإسلام، ولهذا أكدت عليها جملة من النصوص ، ومنها الآية الكريمة ﴿من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون﴾ (المائدة: ٣٢).