مع علمنا جميعا أن الحصول على وظيفة أمر صعب، إلا أن بعض موظفي الحكومة في بعض التخصصات تتوافر أمامهم فرصة العمل في القطاع الخاص في الفترة المسائية، بحيث يستطيعون توفير دخل إضافي لأسرهم ومن دون أن يؤثر على عملهم الأصلي في وزارتهم ومؤسستهم، أي أنهم لا يهربون من عملهم صباحا ليعملوا في مؤسسة خاصة. وهذا النمط من العمل بعد انتهاء الدوام الرسمي كان مألوفا لفئة من الموظفين في القطاع العام، سواء في شركات خاصة أو في أعمال خاصة، أو حتى في أعمال تجارية؛ فيكون للموظف محل تجاري أو يعمل في محل، وهو حراك اجتماعي اقتصادي.
تحدث أحيانا في بعض الوزارات ملاحقة لأي موظف يعمل في القطاع الخاص، وهنالك تشريعات تجبره على دفع كل ما يحصل عليه من القطاع الخاص. وأحيانا يقدم الموظف الذي يقع تحت العقوبة طلبا إلى مجلس الوزراء لإعفائه من جزء من المبلغ.
ربما من المناسب أن تتم مراجعة قرار المنع والسماح لأي موظف حكومة بالعمل في القطاع الخاص بشرط عدم تعارض ذلك مع وظيفته الحكومية، ومن دون المساس بحقوق الوظيفة الحكومية. وهذا القرار مطلوب لأنه يساعد موظف الحكومة على الحصول على دخل إضافي إن وجد، علما أننا ندرك أن الحصول على وظيفة بعد الدوام ليس أمرا سهلا، وليس في متناول اليد، لكن إن وجدت فلماذا لا يتم السماح؟
إن عمل موظف الحكومة في القطاع الخاص بعد الدوام، ومن دون التأثير على عمله الأصلي، لا يختلف عن عمل الموظف في محل تجاري يملكه، أو عمله في قيادة سيارة نقل للبضائع أو سيارة تاكسي، أو قيام معلم حكومة بالتدريس في مركز ثقافي أو في بيته أو بيوت الطلبة.
مرة أخرى، ليس من السهل الحصول على وظيفة ثانية، لكن توجد مهن أو بعض التخصصات قد يكون هنالك نقص فيها، وبإمكان الموظف أن يجد عملا بعد الدوام في شركة خاصة أو مستشفى خاص أو أي مجال. لكن الظروف العامة والاقتصادية ربما تدفع صاحب القرار إلى التفكير جديا إما بتعديل التعليمات أو التشريعات، أو على الأقل غض الطرف، وبخاصة إذا كان العمل الثاني ليس على حساب حق الدولة، ولا يتم عن طريق أي ممارسة مخالفة للقانون، أو من خلال تهرب من العمل الحكومي. وكما أشرت، فإن العمل الثاني موجود منذ عقود، وإن كان قد ضعف كثيرا نتيجة ضيق سوق العمل، لكن عمل موظف من الصحة في مستشفى خاص بعد الدوام لا يختلف في جوهره عن عمل موظف في محل تجاري بعد الدوام، فلنوسع على الناس مع المحافظة على حق الدولة صاحبة العمل الأول.
ربما ما يدفع إلى فتح هذا الموضوع عمليات تعقب في بعض الوزارات لموظفين يعملون بعد الدوام، وتغريمهم مبالغ تقاضوها من عملهم الثاني. وحتى لو كانت حالات قليلة، فقد يكون مناسبا مناقشة القضية بشكل عام.
(الغد)