في الآونة الأخيرة، شهدنا طفرة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما مع بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي التوليدي القادر على إنتاج نصوص وصور وأفلام وقصص بمستويات عالية من الدقة والإبداع. هذا التقدم يفتح آفاقاً واسعة في مختلف المجالات، ولكنه يثير أيضاً تساؤلات حول الأخلاقيات وكيفية ضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي، كفرع من علوم الحاسوب، يهدف إلى تطوير آلات قادرة على التفكير والتعلم واتخاذ القرارات بشكل مستقل. هذه الآلات قادرة على تحليل البيانات والتعرف على الأنماط وحتى محاكاة السلوك البشري.

من جهة أخرى، تتمثل المسؤولية المجتمعية في الالتزام بتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية وحماية البيئة. هذه المسؤولية تتكون من ثلاثة أبعاد: المسؤولية الاجتماعية التي تشمل الحفاظ على القيم الأخلاقية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، المسؤولية الاقتصادية التي تركز على تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي مع مراعاة الاعتبارات الاجتماعية والبيئية، والمسؤولية البيئية التي تهدف إلى تقليل الأثر السلبي على البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

يؤثر الذكاء الاصطناعي على المجتمع بطرق متعددة، فهو يساهم في تحسين جودة الحياة من خلال توفير حلول مبتكرة في مجالات مثل الصحة، والتعليم، والنقل، وغيرها. كما يمكن أن يعزز الكفاءة الاقتصادية ويخلق فرص عمل جديدة. ومع ذلك، قد يؤدي أيضاً إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي وفقدان الوظائف بسبب الأتمتة. من الناحية البيئية، يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في حماية البيئة من خلال تحسين كفاءة استخدام الموارد، ولكن يجب عدم إغفال الطاقة الكبيرة المستخدمة في سيرفرات الخوادم والموارد المستخدمة في تطوير وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.

أما التحديات، يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وفقدان الوظائف، حيث إن الأتمتة تؤدي إلى اختفاء الوظائف التقليدية. كما أن هناك الأثر البيئي حيث يجب مراعاة الطاقة المستخدمة في تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على البيئة.

لذلك أصبح الكثير من المختصين والمستشرفين للمستقبل يدعون الى وضع قوانين وضوابط لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وضمان استخدامه بطريقة أخلاقية ومسؤولة. كما أنه مطلوب تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتطوير برامج تدريب وتعليم لإعداد القوى العاملة للتعامل مع التغيرات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، والتركيز على البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي المستدام والصديق للبيئة.

وايضاً مع تزايد تأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب الحياة، يصبح من الضروري التفكير بجدية في المسؤولية المجتمعية المرتبطة به، حيث يجب أن يكون التقدم التقني متوازناً مع الالتزام الأخلاقي لضمان مستقبل مستدام وعادل للجميع. من خلال تبني نهج شامل يراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. يمكننا تحقيق التوازن بين التقدم التقني والأخلاقيات، المطلوب استغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي بطريقة تخدم الإنسانية وتحافظ على كوكبنا للأجيال القادمة.

**خبير التدريب والتطوير// كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية