الموقف الأردني .. الشمس لا تغطى بغربال
د. منيرة جرادات
02-04-2024 12:47 AM
منذ أن بدأ العدوان الإسرائيلي الهجمة البربرية و غير المسبوقة في التاريخ على الأهل في غزة لم يدخر الأردن الرسمي و الشعبي بقيادته الهاشمية أي جهد ممكن لوقف هذه الحرب ومساعدة الأهل في غزة على الصمود أمام حرب الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها. فمنذ البدايات الأولى لهذه الحرب بدأ جلالة الملك بلفت إنتباه العالم الى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الأهل في غزة وكان أول قائد عربي وإسلامي و على المستوى العالمي يصف ما يجري في غزة بجريمة حرب, و قام جلالته بجولات شملت معظم عواصم القرار في العالم حتى يؤكد أن ما يحدث في غزة ما هو إلا جريمة حرب بشعة.
ولم تدخر أيضا جلالة الملكة رانيا العبدالله جهدا في مناشدة الضمير العالمي وخاصة خلال مقابلتها المؤثرة مع محطة ال سي ان ان الامريكية والتي خاطبت جلالتها العالم باللغة التي يفهمها و طالبت بضرورة وقف الكيل بمكيالين عندما ينتهك القانون الدولي الانساني وأكدت على أنه لا بد من التحرك لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة و خاصةً الأطفال و النساء.
وهنا لا ننسى الدور الذي لعبته الدبلوماسية الأردنية و التي يقودها وزير الخارجية بتوجيه مباشر من جلالة الملك, هذه الدبلوماسية التي عملت على تعرية الموقف الإسرائيلي ولفتت الانتباه الى أهمية وقف الحرب غير المسبوقة في إنسانيتها و الإنصياع لصوت العقل والبدء بإتخاذ إجراءات عملية نحو حل الدولتين.
بالإضافة الى هذا الجهد السياسي و الإعلامي و الذي يعترف به كل المنصفين في هذا الوطن و في العالم, كان الأردن السبًاق بين دول العالم بتقديم المساعدات المادية والعينية والطبية للأهل في غزة و قام الأردن في محاولة لكسر الحصار الجائر بتبني فكرة إنزال المساعدات بصورة مباشرة على الأهل في غزة, حيث قام جلالة الملك بنفسه ببعض عمليات الإنزال مخاطراً بحياته من أجل إيصال رسالة للعالم بضرورة التحرك لإيقاف هذه الحرب التي جُلّ ضحاياها من الاطفال و النساء. و كان لسمو ولي العهد أيضاً دوراً بارزا في تنسيق الجهد الوطني و المشاركة فيه للتخفيف من ويلات هذه الحرب البشعة على الأهل في غزة.
و هنا لا يمكن إنكار الجهود غير الحكومية المتمثلة بفزعة مؤسسات المجتمع الأهلي و الأفراد بصورته الشخصية بتقديم كل ما هو ممكن من مساعدات مادية و عينية من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية للتخفيف من قساوة الظروف المعيشية للصامدين على أرضهم في غزة العز و الكرامة. يإختصار لقد قدَم الأردن الرسمي و الشعبي بقيادته الهاشمية أقصى ما يمكن أن تسمح به إمكاناته.
لكن و على الرغم من كل ذلك يحاول البعض يائساً أن يغطي الشمس بغربال, مستغلاً أجواء الحرية التي نعيشها في هذا الوطن و مستفيداً من التعامل الحضاري للمؤسسة الأمنيّة مع المتظاهرين و الذين لا يعرفون أن الشمس مهما حاولو فإنها لا يمكن أن تغطى بغربال و انه كما قال سبحانه و تعالى ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض). إن هذه الفتنة التي تحاول ركوب الموجه و استغلالها بالشعارات و الشعبويات و التشكيك بنقاء و صلابة الموقف الأردني الرسمي و الشعبي, لا يعرفون البتة أن السياسة كانت و لا تزال و ستبقى هي فن الممكن, و عليهم إذا كانوا فعلاً يحبون فلسطين أن يتوقفوا عن إثارة النعرات و الفتن و أن يتوقفوا عن التطاول على قيادتنا الهاشمية و على قواتنا المسلحة و أجهزتنا الأمنيّة التي هي خطوط حمراء بالنسبة للأغلبية الساحقة من أبناء هذا الوطن.
و الحقيقة أن محاولات إضعاف الأردن نظاماً ودولةً وحكومةً وشعباً ما هي إلا خدمة لأعداءنا، لأن الأردن القوي المنيع هو القادر و المؤهل للإستمرار في إسناد الحق الفلسطيني في إقامة دولته و على أرضه و عاصمتها القدس الشريف.
و هنا أهيب بكل الأقلام الشريفة في هذا الوطن و بكل رجالات الدولة من شتى الأصول و المنابت أن لا يبقوا صامتين في الوقت الذي يحتاج إليهم الوطن و عليهم أن يتصدوا بكل ما أوتوا من قوة لهذه الفئة الواهمة التي تحاول جاهدة التشكيك بصلابة الموقف الأردني بقيادته الهاشمية, هذا الموقف الذي سيسجله التاريخ بأحرفٍ من نور, و علينا جميعا مسؤولية عدم السماح للباحثين عن الشعبويات و المتاجرين بالشعارات من استغلال ويلات الأهل في غزة لتنفيذ أجنداتهم الخاصة.
حمى الله الوطن و قيادته الهاشمية و قواته المسلحة و أجهزته الأمنيّة.
*أستاذ مساعد – جامعة جدارا
*عضو المجلس الوطني- حزب إرادة