سوريا ، مثل أي بلد عربي آخر ، لها خصوصية ، لكن الخصوصيات لم تحصّن أي دولة عربية تجاه تسونامي الإصلاح السياسي الذي يجتاح الوطن العربي من أقصاه على أقصاه.
مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان تقدمت على الفور ببيان مطول يعدد الإصلاحات المقررة التي (سوف) تتم في سوريا ، ولم تلتزم بمواعيد محددة أو جدول زمني واضح ، وفي المقدمة إلغاء قانون الطوارئ الذي تقرر من حيث المبدأ على أن ينفذ في الوقت المناسب.
بعد ذلك جاء الخطاب المنتظر للرئيس بشار الأسد. وكان نائب الرئيس فاروق الشرع قد أعلن أن الخطاب سيدخل السرور في قلوب السوريين ، الأمر الذي رفع سقف التوقعات ، وجعل الجمهور ينتظر من الرئيس التزامات تفوق ما طرحته بثينة شعبان.
لكن هذا لم يحدث ، فالرئيس قال إن إلغاء قانون الطوارئ تحت الدرس ، وعزا ما يحدث في سوريا إلى مؤامرة كبرى ، وحذر من (التسرع) أو التصرف تحت الضغط لأن ذلك يدل على الضعف.
لا نعتقد أن الرأي العام السوري قابل الخطاب بسرور غامر بل بخيبة أمل ، وبدلاً من وضع حد للتحركات الشعبية يخشى أن يؤدي إلى المزيد من الاحتجاجات.
يذكر أن تغييراً مفاجئاً في سوريا يعني خلق فراغ كبير وفوضى عارمة ، كما أنه ينسف إنجازات جيوسياسية هامة أكسبت سوريا دوراً محورياً في شؤون المنطقة ، وخاصة فيما يتعلق بلبنان والعراق وفلسطين ، فالبديل هو الفوضى لأجل غير مسمى.
سوريا بحاجة لإصلاح تأخر كثيراُ ، وليس من المعقول استمرار حكمها بمراسيم رئاسية بناء على قانون الطوارئ لمدة تقارب نصف قرن. نتمنى أن يبدأ الإصلاح بهدوء من داخل النظام بإظهار مرونة حقيقية والبدء بالعمل دون إبطاء.
لنا في الأردن مصلحة سياسية واقتصادية وأمنية في استقرار سوريا ، فنحن الأقرب جغرافياً واجتماعياً والأكثر تأثراً بما يحدث في قلب العروبة النابض.
(الرأي)