ما من أحد يمكنه مصادرة حق الأفراد في التعبير عن آرائهم فهذا حق كفله "أبو القوانين" الدستور الأردني، ما دامت ضمن سياقاتها ولا تتهدد أمن الوطن ومواطنيه، فالأردن دولة قانون ومؤسسات بما يحتم عليه حماية حريات الأفراد ومحاسبة كل خارج عن القانون.
غير أن ما يجري في منطقة الرابية من هتافات وعبارات تجاوز كل حد، وبحكم الفضول نتساءل ماذا يريد البعض من هتافات صادرة من بعض الحناجر المأزومة التي تدس السم في الدسم، وهل من شأن تلك الهتافات دعم الأهل في غزة، أم محاولة بائسة لتقويض الأمن الوطني وحرف البوصلة عن ما يجري في الداخل الغزي والتشكيك في الموقف الأردني تجاه الأشقاء؟!
لا نريد للبعض الانجرار وراء أجندات لا تعبر الا عن أصحابها، فالأردن كان ولا يزال الظهير القوي لفلسطين كلها، ويرفض سياسة التهجير ليكون وطنا بديلا للفلسطينيين، ولم يأل جهدا في دعم القضية في كل المحافل والأروقة الدولية، وأخذ على عاتقه القيام بدور تجاوز حدود جغرافيته، برغم محاولة التعتيم على دوره والتشكيك بمواقفه من فئة جاحدة لا تعرف إلا مصالحها.
ما يجري في منطقة الرابية لا يروق للسواد الأعظم من الأردنيين، بل يستفزهم، فالأردني بسجيته لم يعتد أن يكون خوانا، ويعي أن وراء الأكمة ما وراءها من هذه التجمعات التي تجاوزت سماحة الدستور في حرية التعبير، بفعل من اندس فيها من عناصر امتهنت صناعة الفوضى لثني الأردن من القيام بدوره العروبي تجاه الأهل في فلسطين.
الأردنيون جميعهم يقفون صفا واحدا إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين في كربتهم، يبتهلون إلى الله جلت قدرته أن ينصرهم على قتلة الأنبياء الذين فاقت مجازرهم في غزة كل تصور، من قتل وتدمير لكل البنى التحتية والفوقية، بحجة ذرائع انكشف زيفها وكذبها لا هدف منها سوى انفاذ سياسة التهجير التي لا تفارق "عقل" الساسة في إسرائيل.
الفلسفة من تواجد رجال الأمن في التظاهرات في كل دول العالم، هدفه الحفاظ على أمن المتظاهرين، وعدم السماح لبعض مرضى النفوس من الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة لضمان تأمين أقصى درجات السلامة للمتظاهرين، لكن ما يثير علامات الاستفهام الكبيرة، محاولة البعض شيطنة دور رجل الأمن لخلق أجواء من الفوضى لاحداث الفوضى وهنا بالضرورة لا نعمم على جموع المشاركين، بمقدار ما نطالب المعنيين بفرز المتجاوزين على القانون وتقديمهم إلى المحاكمة، انتصارا للقيم الديمقراطية التي يرسخها الأردن ويعمل على تجذيرها.
الأردن دولة ذات سيادة، تعرف أين تقف، وتقوم بواجبها تجاه الشقيق العربي، لا يمكن المزايدة على دورها وبخاصة حينما يتعلق الأمر بفلسطين، فالعلاقة الأردنية الفلسطينية على المستويين أقوى من أن تنال منها هتافات فارغة نسجها مارقون في ليل معتم يعكس سواد قلوبهم.