غالبًا ما يُنظر إلى الثقة والتواضع على أنهما متضادان، ولكن إذا فكرت في القادة المؤثرين فعلًا، فمن المحتمل أنهم يجسدون هاتين الصفتين جنبًا إلى جنب، وهو ما يسمى الثقة بتواضع، فما هي الثقة بتواضع؟
بينما يرى البعض أن التواضع قوة، يرى الكثيرون أنه ضعف، نحن نصور القائد المتواضع على أنه خاضع وغير حازم، ومن ناحية أخرى، فإن القائد الواثق هو شخص يمتلك الجرأة والقوة، لكن كي تكون قائدًا فاعلًا، عليك أن تحقق التوازن بين الثقة والتواضع، وهو ما يمثل لغزًا، فكيف نخطو إلى الثقة ونبقى متواضعين؟ وكيف نبقى متواضعين ونظل واثقين بمن نحن، بمواهبنا الفريدة، وبما نقدمه؟.
الثقة بتواضع هي المزيج من هذين الموقفين، إنه يتجنب التطرف في الغطرسة (الثقة المفرطة) أو السلبية (التواضع المفرط)، فكيف نجد هذا التوازن؟ المفتاح هو الوعي الذاتي، من خلال إدراك نقاط القوة والضعف لديك، يمكنك القيادة بثقة في المجالات التي تتفوق فيها وتظل متواضعًا بما يكفي لطلب المساعدة والتوجيه في المجالات التي قد تواجه فيها صعوبات.
وهذا هو بالضبط ما يحتاجه كل قائد، الثقة في قدرته على اتخاذ القرار الصحيح مع الاعتراف بأنه يحتاج إلى الآخرين للقيام بذلك بشكل صحيح، إنه الإيمان بنقاط قوته، مع إدراك نقاط ضعفه أيضًا، إنه قبول أنه لا يملك المعرفة المطلوبة، ولكن الثقة الكافية في قدرته على اكتساب تلك المعرفة، فسر القيادة المتواضعة والواثقة تعلم الموازنة بين مجموعة المهارات القوية والقدرة على الاعتراف بما لا تعرفه.
بعض الاستراتيجيات الأساسية التي يحتاجها القائد لتحقيق التوازن بين الثقة والتواضع :
- القائد الواثق والمتواضع هو من يمنح الفضل دائمًا لمن يستحقه، ويبني ثقة أفراد فريقه به من خلال الاعتراف بمساهماتهم، يُقدر أهمية الأفراد في فريقه ويُظهر اهتمامه بهم من خلال تقديم المساعدة، هناك قول مأثور مفاده أنه "عندما تتمكن من مساعدة الآخرين الذين لا يستطيعون مساعدتك في المقابل، فقد تعلمت التواضع" يقدم القائد المساعدة والتقدير دون أن يتوقع الحصول على أي شيء في المقابل، إنه يدرك أنه لن يصل إلى أي مكان دون دعم أفراد فريقه.
- لا توجد طريقة أفضل لإظهار التواضع من تحمل مسؤولية أخطائك، غالبًا ما يكون هناك خوف من أن يغضب الناس أو يكرهونك أو يشعرون بالإحباط، الحقيقة هي أنه لا يوجد أحد مثالي، يُقدّر الناس القائد الذي يعترف بأنه ليس مثاليًا، إنه الاعتراف بالأخطاء واستخدامها كفرصة لتحسين نفسك والفريق الذي تقوده.
- يدرك هؤلاء القادة أن هناك دائمًا فرصة للتعلم، إنهم فضوليون ويؤمنون بالتعلم مدى الحياة، يلهمون الآخرين ويتعاملون بثقة مع جميع المواقف باعتبارها فرصًا للتعلم والنمو، هؤلاء القادة منفتحون على ردود الفعل، ويرحبون بآراء الآخرين.
- لن يتقدم فريقك إلى الأمام ويتعلم وينمو من خلال عدم تجربة شيء جديد بناءً على الخوف من الفشل، هذا لا يعني ارتكاب الأخطاء عمدًا، حيث يحاول القائد دائمًا تجنب الأخطاء، ومع ذلك، فهو لا يخشى تجربة طرق جديدة لتحقيق الهدف.
القائد العظيم هو الشخص القادر على الموازنة بين الثقة والتواضع، إنه يبحث عن الفرص لإظهار ثقته، ومعرفة متى يجب عليه التواضع، يدرك أن التواضع قوة ويعلم أنه ليس عليه التضحية بثقته لإظهار تواضعه.
يشير سايمون سينيك، في كتابه "Leaders Eat Last" إلى أن الثقة هي عنصر أساسي في بناء العلاقات القوية داخل الفرق والمؤسسات. يؤكد سينيك على أن القادة الذين يظهرون الثقة في قدرات فرقهم ويتبنون ثقافة الثقة، يمكنهم بناء بيئة عمل مشجعة وملهمة. وهذه البيئة تشجع أفراد الفريق على تحقيق أقصى إمكاناتهم والعمل بجهد وتفانٍ لتحقيق الأهداف المشتركة.