ديمقراطية إسرائيلية وارهاب فلسطيني (15)
اللواء المتقاعد مروان العمد
31-03-2024 01:12 PM
وقبل ان استكمل حديثي عن حقيقة احداث ما قبل يوم السابع من اكتوبر عام 2023 واحداث ذلك اليوم وما بعده ، لا بد ان اشير الى ان الاشهر السابقة لهذا اليوم قد شهدت صداماً شديداً ما بين الدولة التي وصفت بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وبين الشعب الفلسطيني ، والذي وصف بالارهاب . وانا وان كنت لا انكر ديمقراطية إسرائيل ، ولكني اقول عنها انها ديمقراطية انتقائية .
فلديهم احزاب ، وعندهم انتخابات ، ينبثق عنها حكومات تشكلها الاغلبية الفائزة بها ، وان اي نقص يحصل في هذه الاغلبية يترتب عليه حل الكنيست ، واجراء انتخابات جديدة لتحقيق اغلبية جديدة . وان هذا ما حصل مراراً في السنوات الماضية ، حيث تم حل الكنيست عدة مرات ، وإجراء انتخابات جديدة ، الى ان استقر الامر للحكومة اليمين المتطرف الحالية براسة نتنياهو ، والتي تحكمت بها وبقراراتها و مواقفها احزاب اليمين المتطرف ، لان البديل عن ذلك هو انهيار هذه الحكومة ، والذهاب الى انتخابات جديدة ، وهذا ما لا يريده نتنياهو مهما كان الثمن . الا ان هذه الديمقراطية مقتصرة على العنصر اليهودي . اما من يحملون الجنسية الاسرائيلية من فلسطيني الداخل ، فأن الديمقراطية التي يتمتعون بها هي ديمقراطية انتقائية ، فهم ورغم ان لهم احزابهم ، وان لهم ممثلين في الكنيست، و لهم حق الخطابة والتصويت ، الا انه وعلى مدى خمسة وسبعين عاما ، كانت جميع الاحزاب اليهودية ترفض مشاركتهم بأي ائتلاف حكومي . ولهذا فأن حكومة بينيت / لابيد التي تحالفت مع القائمة العربية الموحدة براسة منصور عباس بهدف ابعاد نتنياهو عن راسة الحكومة ،لم تعمر طويلاً وسرعان ما انهارت ، واجريت انتخابات جديدة اسفرت عن تشكيل الحكومة الحالية . اما بالنسبة للتعامل مع الفلسطينيين تحت الاحتلال فقد كان من خلال القمع والاعتقال والقتل والحرمان من الحقوق ، حتى حق معاملة الشعوب التي تحت الاحتلال وحق مقاومته ، بل ان مطالبتهم بحقوقهم في اقامة دولتهم على ما تبقى من وطنهم اعتبر ارهاباً واصبح يطلق عليهم ارهابيين . ومن هنا استمدت مقالاتي عنوانها .
وفي السنوات الاخيرة اخذت هذه الديمقراطية في اقرار تشريعات تكرس التمييز الغير ديمقراطي مثل يهودية الدولة . واخذت تنكر حق الفلسطينيين بإنشاء دولتهم كما جاء في اتفاقيات اسلو ، وظهر شعار ان دولة إسرائيل تمتد من البحر الى النهر ، من غير ان يلاقي هذا الشعار اي اعتراض من دول الغرب ، ولكن عندما يرفع الفلسطينيين شعار فلسطين من النهر الى البحر فأن هذا جريمة و معاداة للسامية . كما ظهرت الشعارات التي تنادي بان حدود دولة إسرائيل من النيل الى الفرات وتشمل نصف شبه الجزيرة العربية ، بما فيها مكة والمدينة، واقسام من العراق وسورية ولبنان . كما اخذت تطرح المشاريع والصفقات التي تجعل من إسرائيل حجر الرحى والقوة المسيطرة على المنطقة ، واخذ الحديث يكثر عن الشرق الاوسط الجديد واعادة رسم خارطة المنطقة ، وعقدت اتفاقيات التطبيع مع بعض الدول العربية ، وبنفس الوقت زاد مستوى العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة ، واخذت إسرائيل تسعى الى اعادة السيطرة على القطاع من جديد ، ولكنها كانت تنتظر الفرصة والوسيلة لتحقيق ذلك . وكلنا يذكر تحذير جلالة الملك من محاولة الغاء حل الدولتين في خطابه الاخير امام الجمعية العامة للامم المتحدة قبل عملية طوفان الاقصى بايام .
ولا ادل على نية إسرائيل تلك من استعراض فقرات من تحقيق استقصائي إسرائيلي ، قام به الجيش الإسرائيلي والشاباك ، وكشفت عنه هيئة البث الأسرائيلي. حيث ورد فيه انه و في عام 2016 اعدت خطة لاغتيال قيادات حركة حماس اعطيت اسم ( مقاعد موسيقية ) ، وان افيغدور ليبرمان وزير الدفاع في ذلك الوقت عرض الخطة على نتنياهو لتطبيقها الا انه رفضها خشية ان تؤدي الى حرب شاملة . وورد في التحقيق انه وبتاريخ 30 مارس عام 2018 وفي الذكرى الاربعين ليوم الارض انطلقت مسيرات العودة السلمية في غزة ، حيث كان المشاركين فيها يتجهون الى المناطق الحدودية ، ثم يقومون برشق القوات الإسرائيلية بالحجارة ، ويشعلون النار بالإطارات المطاطية ، ويطلقون الطائرات الورقية المشتعلة نحو المستوطنات اليهودية ، مما كان يترتب عليه اشتعال النيران بالمزارع هناك. وكانت القوات الاسرائيلية ترد على ذلك باطلاق الرصاص الحي والمتفجر على المتظاهرين ، وخاصة على اطرافهم السفلي مما يؤدي الى تعطيلها ، والتي اسفرت عن مقتل 217 فلسطيني واصابة 12000 آخرين بجراح ، وذلك خلال الفترة من 30 مارس 2018 الى 27. سبتمبر عام 2019 . وفي هذا التحقيق الاستقصائي اعتبر مساعد رئيس هيئة اركان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت رونين منليس ، ان هذا المسيرات كان الهدف منها دفع المدنيين الفلسطينيين الى اجتياز الحدود نحو المستعمرات اليهودية ، ثم تقوم قوات النخبة من حماس بالدخول خلفها بهدف السيطرة على كيبوتسات في إسرائيل ومنها كيبوتس ناحال عوز . وكشف التحقيق ان رئيس اركان الجيش الإسرائيلي السابق افيف كوخافي عرض على الكابينت الامني والسياسي شن هجوم استباقي ضد عشرات المواقع في قطاع غزة يعد خطاب ليحيى السنوار هدًد فيه بقصف إسرائيل ردًا على ممارساتها في القدس ، الا ان نتنياهو و وزرائه رفضوا ذلك . وتابع التحقيق ان الجيش الإسرائيلي طلب بعد انتها حرب ٢٠٢١ بعده باشهر بشن حرب اخرى على قطاع غزة لاغتيال يحيى السنوار ومحمد الضيف أطلق عليها اسم اليوم الحادي عشر لحارس الاسوار ، وهو الاسم الذي اطلقته إسرائيل على حرب عام 2021 والتي استمرت عشرة ايام . الا ان نتنياهو رفض ذلك ايضاً . وادعي التحقيق ان حركة حماس بدأت العمل بعد ايام من انتهاء حرب عام 2021 على خطة عسكرية اسمها أسوار اريحا يتم فيها القيام باجتياح واسع لغلاف غزة من زيكيم وحتى كرم أبو سالم ، وان إسرائيل قد حصلت على هذه الخطة عام 2022 . وورد في التحقيق انه في ايلول / سبتمبر لعام 2021 طلب رئيس الوزراء الاسبق ناتالي بينيت من الجيش الاستعداد لاغتيال السنوار . وانه طلب الاجتماع مع رئيس الاركان افيف كوخافي لهذه الغاية ، الا ان كوخافي قال له ان الجيش بحاجة الى اشهر للتاكد من جاهزيته للقيام بهذه العملية . وورد في التحقيق ان طلبات بينيت لاغتيال السنوار تجددت في أيار / مايو 2022 بعد الهجوم الذي وقع بتاريخ الخامس من ايار بمدينة العاد في وسط إسرائيل خلال ما يعرف بيوم الاستقلال ، وبعد اسبوع من نهاية شهر رمضان الماضي والذي شهد عمليات اقتحام للقوات الإسرائيلية للمسجد الاقصى وقيامها بقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين ، وبعد خطاب السنوار الذي اطلقت عليه إسرائيل خطاب السواطير ، والذي قال فيه محرضاً على مهاجمة الجنود والمستوطنين اليهود ، من يملك بندقية ليحملها ، ومن لا يملك فليحمل ساطور ، والذي اسفر عن مقتل اربعة اسرائليين وجرح ثلاثة . كما ورد في التحقيق ان رئيس الشاباك رومين بار قد وافق على اقتراح بينيت ، الا ان كوخافي رفض ذلك على اساس انه لا علاقة لخطاب السنوار بهذه العملية . وقد أيد غانتس والذي كان حينها وزيرا للدفاع موقف كوخافي . وفي عام 2023 طلب رئيس الشاباك من نتنياهو اغتيال السنوار الا انه رفض ذلك . وقد بلغ عدد المرات التي رفض فيها نتنياهو اغتيال السنوار ست مرات ، ولهذا هو يخشى توقف الحرب قبل اغتياله خوفاً من تحميلة مسؤولية عدم قيامه بذلك مسبقاً.
يتبع