هل يعكس الموقف الرسمي مشاعر الأردنيين من العدوان على غزة؟
د. محمد كامل القرعان
31-03-2024 10:25 AM
تابع الأردنيون باهتمام وقلق بالغين ما يحدث في المشهد الفلسطيني وما يتعرض لها اهالي قطاع غزة خاصة من ابادة جماعية؛ جراء الانقلاب الاسرائيلي على الشرعية الدولية ، واختطاف إرادة القانون الدولي امام تعنت حكومة اليمين المتطرفة الاسرائيلية برئاسة "بنيامين نتياهو" الذي اختار التطرف والعنصرية وفق رؤيته لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حلم شعب باكمله باقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني الفلسطيني.
الجانب المثير في الموضوع هنا الموقف الرسمي الأردني من هذا العدوان الغاشم الذي تقوده قيادة النظام السياسي لليمين الاسرائيلي المتطرف، حيث أبدى الأردن غضبه واستنفاره وعدم ارتياحه من الجرائم الاسرائيلية بحق الغزيين ، وكان من اوائل المبادرين في عرض رفضه لهذا العدوان ورفضه لكل الانتهاكات والممارسات التي ترتكب بحق شعب اعزل ! لا بل فقد ذهب لأبعد من ذلك لتقوم القيادة السياسية الأردنية بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الكيان الاسرائيلي والقيام بزيارة معظم العواصم الاوروبية المؤثرة في القرار الدولي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وكندا الى جانب دول عربية كمصر وفي المقابل استقبل عديد من رؤساء الدول الاوروبية كالمشتشار الالماني لتقديم استنكاره ودفع هذه الدول للتحرك ضد العدوان الاسرائيلي على غزة وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني.
أسئلة كثيرة تدور بأذهان البعض إن لم يكن الكثير بخصوص هذا الموقف الأردني الثابت من العدوان الهمجي، ومن هذه الأسئلة : هل يمثل هذا الموقف الأردني الرسمي من الأحداث اتجاهات ومشاعر الأردنيين من العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة خاصة والضفة الغربية بشكل عام ؟ وقد أخذت القيادة السياسية الأردنية بحسبانها أن مثل هكذا موقف ربما يعكس بشكل واضح مشاعر قطاعات وفعاليات سياسية وشعبية ؛ مع أننا نعتقد أن ذلك ومن الناحيتين السياسية والديمقراطية ربما يكون ضروريا لتبقي درجة من الانسجام بين مواقف القيادة السياسية والرأي العام الأردني ؛ وهكذا موقف يتناغم مع صلاته التاريخية والشرعية والدينية ووصايته على المقدسات الاسلامية هناك وبما يتعارض مع مصالح دولة بحجم وثقل امريكا ؟ وكيف سيكون وضع الأردن والعلاقات المتبادلة بين البلدين الصديقين؟ وما هي الانعكاسات المحتملة لهذا الموقف الرسمي المعبر عن رأي عدد كبير من المواطنين الأردنيين المتعاطف مع الشرعية الفلسطينية ومع عدالة القضية ومصداقية النظام الدولي من التعامل مع قضايا ومطالب الأردن لوقف الحرب وبشكل فوري.
نعتقد أن الموقف الأردني المؤيد لوقف الحرب على غزة ووقف الجرائم الاسرائيلية ضد الغزيين وافشال المخططات الاسرائيلية بتصفية القضية الفلسطينية يشكل مصلحة استراتيجية كبرى في مقدمة السياسة الأردنية، وتم التعامل مع هذه الحرب منذ اندلاعها في السابع من اكتوبر بهذه السرعة و الانجرار وراء توجهات القطاعات الشعبية الواسعة بعينها واستثمارها في مقدرات الدولة الاردنية السياسية ووسيلة للتأثير في نهج الدول المؤيد لاسرائيل في عدوانها على غزة . صحيح أنه كان من الممكن أن تتحذ القيادة السياسية نهجا أكثر حيادية مراعاة لمصالحها السياسية مع الدول الغربية ؛ ولم يكن مطلوبا من القائمين على السياسة الخارجية الأردنية أن يكونوا داعمين بهالشكل للشرعية ولكن في نفس الوقت فإنه لم يكن مبررا أو مقنعا عدم الوقوف الى جانب الإشقاء الفلسطينين. نعتقد أن الموقف الأردني من العدوان الاسرائيلي على غزة يعكس رأي الشعب الأردني، وتضع نبض الجماهير واتجاهات الرأي العام الأردني نحو هذه القضية الحساسة في قلب الدولة الاردنية واهتمامتها ، ناهيك عن التصريحات المثيرة للقيادة الاردنية في موضوع العدوان الهمجي على غزة ، ومهاجمة الشخصيات الاسرائيلية أينما وجدوا، مع أن القضية الفلسطينية تعد المبدأ الأساس في مقدمة السياسة الخارجية الاردنية ، وكل هذه الأمور تؤشر على حالة الانسجام والوضوح في الرؤية والأهداف السياسية للنظام السياسي الأردني مع الراي العام الاردني.