ديمقراطية إسرائيلية وارهاب فلسطيني (14)
اللواء المتقاعد مروان العمد
30-03-2024 12:11 PM
استعرضت في الحلقة السابقة الاحداث التي حصلت في السابع من اكتوبر عام 2023 بشكل عام ، وكما ظهرت في العلن ، اما اليوم فسوف استعرض الاحداث التي لم تظهر للعلن ، وعن انعكاسات هذه الاحداث ، والتي اعتبرت انها تفصل ما بين تاريخين ، ما قبل وما بعد السابع من اكتوبر . فقد اثبتت هذه الاحداث ان حركة حماس قد اعدت لهذا اليوم عدته ، فهي وبعد اتفاق التهدئة الذي انهى عملية سيف القدس / حارس الاسوار ، والتي كانت قد اندلعت في العاشر من ايار عام 2021 ، اظهرت انها اصبحت تميل للتهدئة ، والاستعداد للنظر بالحلول السلمية ، حتى ان يحيى السنوار في احاديثه وتصريحاته عبر عن ذلك باعتباره الموقف الجديد للحركة . ولذلك لم تشارك حماس في عملية وحدة الساحات / سيف للقدس في شهر آب من عام 2022 ، والتي شاركت بها التنظيمات الفلسطينية المختلفة ، وعلى رأسها حركة الجهاد الاسلامي في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي . وقد اشرت الى ذلك عند حديثي عن هذه العمليات بالحلقة الحادية عشر . وكان هذا الموقف في حينها محل استغراب ونقد من قبل الكثيرين . في حين انها كانت تعد العدة للقيام بهذه العملية من حيث التدريب والتجهيز وبكل سرية وكتمان . وقد انعكس ذلك على جهوزية القوات العسكرية الإسرائيلية ، من حيث تخفيف الإجراءات الامنية والرقابية بالقرب من غزة ، ونقل قسم كبير من القوات الإسرائيلية من منطقة غلاف غزة الى الضفة الغربية لمواجهة عمليات المقاومة فيها . ومن ذلك ايضاً السماح باقامة حفل الطبيعة (نوفا ) في مستوطنة راعيم . والذي حضره المئات من الشباب والشابات اليهود الذين كانوا يرقصون على صوت الموسيقي طوال الليل ، وحتى ساعات الصباح من يوم طوفان الاقصى ، والذين شوهدوا في الفيديوهات وهم يهربون مذعورين من مكان الحفل باتجاه منطقة صحراوية عند وصول عناصر حماس لموقع الحفل . ولقد صرحت مصادر إسرائيلية فيما بعد ان حماس هاجمت موقع الحفل ، وقتلت واصابت المئات من مرتاديه واسرت بعضهم . علماً انه وكما ثبت من الفيديوهات والمعلومات التي انتشرت في ذلك اليوم فان مسلحي حماس لم يكن لديهم علم عن هذا الحفل ، وانهم علموا به اثناء اقتحامهم منطقة غلاف غزة من اربعة محاور ، حيث وصلوا الى مستوطنة اوفاكيم على بعد 20 كم من. حدود غزة ، بالاضافة الى قيامهم بعمليات هجوم بواسطة الكوماندوس البحري بواسطة زوارق سريعة على مستوطنة زيكيم و شواطئ عسقلان الجنوبية . وكل ذلك دون ان ترصدهم اجهزة المراقبة والتصوير والانذار . حتى ان الجنود العاملين على مراقبة شاشات الكشف عن هذه الاختراقات ، تفاجئوا باقتحام عناصر حماس قاعدتهم ، وقامت بتصفيتهم والاستيلاء على الكثير من التجهيزات والملفات الامنية الهامة حسب مصادر اخبارية معظمها إسرائيلية .
وهذا يدل على ان حماس اما انها ملكت الاجهزة والتكنولوجيا التي عطلت كل اجهزة الرقابة ، او ان حجم التقصير الامني الإسرائيلي كان كبيراً جداً ، والذي حاولوا إخفائه عن طريق القيام بنشر مجموعة من المعلومات المغلوطة عن عمليات قام بها مقاتلي حماس ، مثل الاغتصاب الجماعي ، و قطع اعناق الاطفال وحرق بعضهم بالمايكروويف ، وتعليق جثث بعضهم على الحبال . وقد ادعت مراسلة قناة اي 24 الاسرائيلية نيكول زيديك انه عثر في مستوطنة كفار عزة على جثث اربعين رضيعاً تم قطع اعناقهم والتمثيل بجثثهم ، وقد سارع المسؤولين اليهود لتبني هذه الرواية ، وكذلك فعل الاعلام الإسرائيلي والغربي ، ومنه محطة ال CNN . وقد انطلت هذه القصة على العديد من زعماء و مسؤولي الدول الغربية . كما تلقفتها حسابات مقربة من إسرائيل ، وعملت على الترويج لها ، رغم عدم وجود تأكيد رسمي إسرائيلي بوقوعها . ولكن سرعان ما انهارت هذا المعلومات ، وتراجع معظم من ادعوا انهم شاهدوا هذا الجثث عن هذا الزعم ، والقول انهم سمعوا بوقوعها فقط . وتبين ان مصدر المعلومة جندي انقاذ من الجيش الإسرائيليان وفي حين انه كان عنصراً من وحدة الانقاذ زاكا . ، اجرت المراسلة لقاء معه وقدمته على انه من زعماء المستوطنين ويدعى ديفيد بن صهيون ، كما انتشرت معلومة مماثلة لذلك في مستوطنة بئيري ، والتي اقتحمها عناصر حماس ، بالرغم من وجود قاعدة عسكرية فيها يتواجد بها خمسمائة جندي ، لم يستجب احد منهم لطلبات النجدة من سكانها . في حين ادعى ضابط فيها برتبة مقدم لمراسل القناة 14 الإسرائيلية ، مقتل ثمانية اطفال رضع وامرأة ناجية من معسكرات النازية ، وذلك في تصريح منه لمراسل القناة 14 الإسرائيلية . وقد نفى مصدر مسؤول في الجيش الإسرائيلي صحة هذه المزاعم . كما نقلت صحيفة هأرتس نفي متحدث باسم المستوطنين هذه الواقعة ونفى وجود ناجية من المحرقة فيها .
ورغم تراجع عدد من زعماء العالم عن قولهم انهم شاهدوا صوراً لهذه الجثث ، ورغم تراجع العديد من المحطات الفضائية عن نشر هذا الخبر، وتقديم اعتذاراً عن نشره دون التأكد من صحته ، لا ان هذه القصة لا زال الكثير من المسؤولين اليهود ، و الداعمين لإسرائيل وبعض وسائل الاعلام يستخدمونها بين الحين والاخير لتبرير ما قامت به إسرائيل بعد ذلك في غزة . كما ينطبق هذا على الاشاعات التي انتشرت بوقوع حالات اغتصاب ، حيث لم يتم تقديم اي دليل عليها ، ولم تدعي اي أمرآة انه حصل معها ذلك . كما ان صحيفة هآرتس قد ذكرت ان منظمة زاكا نشرت قصصاً عن فظائع لم تحصل في عملية طوفان الاقصى . ومنظمة زاكا هذه هي منظمة دينية تطوعية معظم اعضاءها من اليهود المتدينين ، وتعمل في مجال الانقاذ والإغاثة وجمع رفات الموتى في الحوادث العنيفة والكوارث ، بما فيها جمع الاشلاء والدماء ، بهدف تحديد هوية اصحابها ودفنهم على الطريقة اليهودية . حيث نشر اعضاء في هذه المنظمة صور بشكل غير احترافي ، حسب ما ذكرته الصحيفة . وذكروا قصصًا من نسج الخيال ، مثل رؤيتهم لامرأة حامل مطعونة في بطنها ،وميته هي و جنينها . كما زعمت وقوع اعتداءات جنسية على بعض الضحايا . الا ان تحقيق الشرطة الاسرائيلية لم يثبت صحة ذلك .
هذا وقد اعلنت السلطات الإسرائيلية ان عدد القتلى من الاسرائليين في هذا العملية وصل الى 1400 ، شخص نقص فيما بعد الى 1200 بحجة ثبوت ان مئتي جثة متفحمة انها لعناصر من حماس ، الا ان رقم الخسائر قد يكون فيه مبالغة لغاية كسب المزيد من التعاطف الدولي معها . كما تبين ان الكثير من القتلي اليهود سقطوا على يد الجيش الإسرائيلي ، وان دبابات دخلت المستوطنات ومنها مستوطنة بئيري التي كان يتحصن في بعض منازلها عناصر من حماس ومعهم عدد من الرهائن ، حيث قامت الدبابات بنسف هذه المنازل بمن فيها من عناصر. حماس ومن المستوطنيين اليهود ، في تطبيق لبروتوكول هنيبعل ، وذلك حسب تقرير القناة 12 ، وحسب ما نشرته صحيفة هأرتس . كما ان طائرات الاباتشي الاسرائيلية تلقت تعليمات ان تقصف كل ما يتحرك على الارض ،لاحتمال ان يكونوا من حماس ، وهذا يفسر سبب ارتفاع اعداد القتلى بين الهاربين من حفل مستوطنة رعيم ، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية جموعهم وهم هاربين على الطرقات واحرقتهم ، كما نسفت سياراتهم واحرقتها كما ظهر في فيديوهات ذلك اليوم ، والذي ما كان من الممكن ان يحدث الا بقصف جوي .