حصار السفارة .. وبيرقنا العالي
بسام حدادين
30-03-2024 10:39 AM
يتجمع آلاف الأردنيين منذ أيام في محيط السفارة الإسرائيلية في الرابية، استنكاراً للمجاز الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد أهلنا في قطاع غزة، كرسائل سياسية وإعلامية تدعم صمودهم وتخاطب الرأي العام والحكومات العربية والإسلامية والعالمية، للقيام بالمزيد من التحرك والمساندة لوقف الحرب وردع آلة الإجرام، وتوفير مقومات العيش الكريم والصمود لأهلنا في القطاع الصامد.
التجمع فعل شعبي وسياسي مهم وذكي وجذاب، ويستحق الدعم والإسناد والمشاركة الشعبية، وقوات الأمن لا تمانع في ذلك، ولم يمس أحد منهم مواطنا هذه غايته النبيلة.
لكن ما يستحق التوقف والحوار، هو الجرعة الزائدة من الحماس الشبابي المدعوم من تيارات حزبية عقائدية، في مقدمتهم تيار الإسلام السياسي، الذين يسعون لاقتحام السفارة الإسرائيلية، الخالية من طاقمها، بنية احتلالها وربما إشعال النار فيها.
هل تملك الدولة الأردنية تسهيل دخول المتظاهرين إلى داخل السفارة الإسرائيلية وحرقها؟ بالطبع والقطع؛ كلا؛ فالدولة الأردنية ملتزمة باتفاقيات دولية ودبلوماسية رتبت عليها التزامات واضحة في القانون الدولي، ولا يمكنها التنصل منها تحت أية ذريعة، وإذا حصل الاقتحام بتقصير أمني تحت ضغط عنف وغضب المحتجين، فهذا من شأنه خلق حرج سيادي ومتاعب سياسية ودبلوماسية كبيرة ضاغطة على الأردن؛ ليس فقط مع إسرائيل، بل أمام الأمم المتحدة وسائر دول العالم، وهو بمثابة انفلات داخلي خطير يظهر الدولة الأردنية ككيان ضعيف غير مستقر، وفاقد لركيزة (الأمن العام) في المجتمع كقيمة سيادية.
إزاء ذلك نسأل عن الغاية من التهجم على أبنائنا المهذبين من رجال مؤسسة الأمن؟! لماذا الإصرار الممنهج على استفزازهم والتعامل معهم على أنهم المسؤولون عن احتلال غزة وعن المجازر التي يرتكبها الصهاينة بحق أهلها.
ولماذا يدفع الإخوان المسلمون بنسائهم إلى مقدمة الصفوف لتجاوز وكسر هيبة الحاجز الأمني، ويلقون على رجال الأمن الكلمات الجارحة، والإيماءات الفجة التي لا تليق بغير حق المعتدين.
الحقيقة والجواب أن الجماعة فقدت رشدها، وأظهرت بجلاء قلة احترامها للدولة الوطنية الأردنية، وتبخيس دورها السياسي والدبلوماسي الإنساني، ،وفي الوقت نفسه تغض الجماعة، المتفلتة من عقالها، الطرف عن حلفاء الإخوان المعروفين الذين ينقلون الأسلحة والذخائر جواً إلى إسرائيل، وكذلك تتغاضى عن الذين يمدون إسرائيل بكل ما تحتاجه من مواد تموينية وغيرها لضمان (صمود مواطنيها)!
لم نسمع كلمة حق واحدة بحق الدور الأردني الذي يقف في طليعة الدول العربية والإسلامية في الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني؛ بل إن كل ما نسمعه هو مزاودات لفظية وعنتريات لا تقتل ذبابة، من مثل الشعار المتهافت (افتح الحدود)! وكأن للجماعة جيوش جرارة تتأهب للدخول نحو فلسطين ولكن الحدود مغلقة!
الأردنيون الوطنيون، فخورون بملكهم الذي حلق في سماء غزة ونثر على أهلها الحب والتضامن قبل المساعدات الطبية والعينية. والوطنيون الأردنيون يفخرون بأنهم أول من ابتكر فكرة الإنزالات الجوية للمساعدات، فلحق بهم العالم. الأردنيون الوطنيون فخورون بأبنائهم الذين يداوون الجرح الفلسطيني في المستشفيات الميدانية في غزة ونابلس.
وأكثر ما استفزني، وأهالي الزرقاء أمس الخميس، في مسيرة نظمها " الإخوان" كان صوت مكبرات الصوت تناكف بأغنية تعتمد لحن "يا بيرقنا العالي" وتستبدل اسم جلالة الملك في الاغنية باسم "أبو عبيدة"! هل يجوز تحريف أغنية وطنية مخصصة للملك واستبدال اسم الملك باسم شخص آخر مهما علا شأنه؟!
أية إيحاءات هذه التي تصب في خانة خلق الفتنة بين مكونات الشعب الواحد.
أنا وكل الأردنيين نحب أبا عبيدة، لكن بيرقنا العالي هو عبدالله الثاني، ولا بيرق لنا غيره ولن يكون!